الأربعاء، 27 مايو 2009

الخقيقة

الحقيقــــة


الحقيقــــة



تمهيد وطرح إشكالي:

باعتبار الإنسان كائنا حيا عاقلا، و باعتباره كائنا حيا ناطقا واجتماعيا أيضا، فإنه على خلاف باقي الكائنات الحية الأخرى ينفرد بهاجس البحث عن الحقيقة و إرادة بلوغها و الحاجة إلى تبليغها للآخرين. فالحقيقة هي غاية كل تفكير و كل خطاب، كما أنها حاجة وجودية بالنسبة للإنسان. مما يستوجب تحديد دلالتها، وأدوات بلوغها، وإدراك معاييرها والتساؤل حول قيمتها.
فما هي دلالة مفهوم الحقيقة؟ ثم هل هي معطى أم بناء؟ وما هي وسائل بلوغها؟ وأخيرا ما معاييرها؟ وأين تكمن قيمتها؟

يجذر بنا أولا القيام بقراءة فلسفية نقدية في معطيات المعرفة العامية حول دلالة مفهوم الحقيقة، ذلك أن الحس المشترك لايميز بين مفهومي الحقيقة والواقع، فالحقيقي في رأيه هو الواقعي رغم أنهما من طبيعتين مختلفتين فالحقيقة من طبيعة فكرية أو نظرية، بينما الواقع من طبيعة مادية ملموسة، كما يعتقد أيضا،أن الرأي الصادرمن القلب أو الوجدان أكثر عمقا و صدقا من الفكرة المشيدة عقليا ،ويعتبر أن إجماع الآراء حول قضية معينة يعد دليلا كافيا على صحة هذه القضية! لذلك سنعمل على تحديد كل من مفهومي الحقيقة والرأي،ثم نتطرق إلى العلاقة المحتملة بينهما.

دلالة مفهوم الحقيقة:ما دلالة الحقيقة ؟ وما دلالة الرأي؟
مقارنة بين مفهومي الحقيقة والرأي:
يمكن تحديد مفهوم الحقيقة حسب المعجم الفلسفي لأندري لالاند كما يلي "الحقيقة هي خاصية ما هو حق،وهي القضية الصادقة"إنها صفة تميز الأحكام والقضايا،وبالتالي فهي مرتبطة بمجالي الفكر واللغة. ومن ثمة وجب التمييز بين مستويين من المعرفة حسب الفيلسوف والمنطقي ب.راسل، بين المعرفة بالأشياء والمعرفة بالحقائق، فالأولى مباشرة ولا تحتمل الخطأ،أما الثانية فتحتمل الصواب والخطأ،لذلك فمشكلة الحقيقة ارتبطت فلسفيا بالأحكام والقضايا،وليس بالأشياء، فمثلا، لا يجوز اعتبار المحفظة في حد ذاتها حقيقة أو خطأ، لكن قي المقابل يمكن الاعتقاد بأنها محفظة،كما يمكن القول أنها محفظة،فإذا تطابق الحكم(الفكرة) مع الواقع، كانت حقيقة،وإذا لم يتطابق كانت خطأ أوهما،ونفس الأمر، إذا تطابق المنطوق مع الواقع كانت حقيقة،أما العكس فكذب. أما جاكلين روس فقد حددتها كما يلي" المعنى المنطقي للحقيقة هو التطابق بين الفكر وذاته،والمعنى الفلسفي يدل على انسجام الفكر مع ما يدل عليه أي موضوع،كان معرفة أو واقعا". يتبين لنا من خلال هذين التحديدين أن الحقيقة تتأسس على المطابقة أوالملاءمة:مطابقة الفكر للواقع،أوتوافق المنطوق معه،أو ملاءمة الفكر لذاته.
بينما يتحدد الرأي كحالة ذهنية تلقائية، تتمثل في الاعتقاد بصحة إحساس أو قول معين، إنه معرفة عامية سطحية وساذجة، غير مبني بشكل استدلالي منهجي منظم، شكل من أشكال الاعتقاد الذي يغلب عليه الظن،حكم لا يقوم على أسس عقلية واضحة،يتسم بالذاتية و البساطة والاختبارية والعفوية.


ــ الحقيقة والرأي:العلاقة بين الحقيقة والرأي.
هل يمكن تأسيس الحقيقة على الرأي؟هل يعتبر الإجماع دليلا كافيا
للحديث عن الحقيقة؟

الأطروحة الأفلاطونية:
يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن التأمل العقلي الخالص هو السبيل لبلوغ الحقيقة العقلية وتجاوز المعرفة الظنية. فالمعرفة التأملية الخالصة، التي يمارسها الفيلسوف تتميز بالثبات واليقين، بينما المعرفة الحسية والآراء الشائعة لدى الإنسان العامي فمتغيرة وفاسدة، وقد بسط أطروحته بشكل تبسيطي في أمثولة الكهف.

الأطروحة الديكارتية:
كما أن الفيلسوف الفرنسي ديكارت دعا إلى ضرورة ممارسة الشك المنهجي لتجاوز خداع الحواس،وخطأ المعارف الجاهزة والمسبقة،يقول،"لكن لما كان غرضنا الآن مقصورا على الانصراف إلى البحث عن الحقيقة، فبوسعنا أن نشك أولا بصدد الأشياء التي وقعت تحت حواسنا أو التي تخيلناها (...)ذلك لأن التجربة قد دلتنا على أن حواسنا قد خدعتنا في مواطن كثيرة،وأنه قد يكون من قلة التبصر أن نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة(...)وبوسعنا أن نشك في كل الأشياء التي بدت لنا من قبل يقينية جدا،بل نشك في براهين الرياضيات وفي مبادئها(...)لأن من الناس من أخطأ في هذه الأمور"وبالتالي هناك ضرورة ممارسة الشك المنهجي وافتحاص الآراء المتداولة الشائعة، بغرض الوصول إلى حقائق واضحة ومتميزة، تكون منطلق تشييد الحقائق الأخرى.

الأطروحة الباشلارية.
لقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي أن الرأي يشكل عائقا أمام بلوغ المعرفة العلمية الصحيحة يقول "إن الرأي يفكر تفكيرا سيئا،بل إنه لا يفكر،فهو يترجم الحاجات إلى معارف... لا يمكن تأسيس أي شيء على الرأي،بل ينبغي هدمه"بمعنى أن الرأي لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل ذاتي عفوي،يتسم بالحسية والإخبارية الضيقة.فالرأي يلون الموضوعات بلون رغباته وميولاته،مما يسقطه في الذاتية ويبعده عن الموضوعية، والدقة المنهجية.
إن ماينطبق على الحقيقة العلمية في علاقتها بالرأي يمكن تعميمه على علاقة الفلسفة بالرأي أيضا،فتاريخ الفلسفة يؤكد لنا أن الحطاب الفلسفي كان دائما في مواجهة قوية مع الرأيDoxa))،حيث أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون اعتبر أن التفلسف يستهدف بالأساس التحرر من الأفكار الجاهزة والمسبقة، ومعطيات الإدراكات الحسية،لأنها لاتنتج سوى الظن والمعرفة الوهمية.لذا على الفيلسوف ممارسة التأمل العقلي الخالص،و التحرر من بادئ الرأي للوصول إلى الحقيقة النقية الخالصة. وقد اتخذ ديكارت نفس الموقف من الرأي كذلك.
إن تاريخ المعرفة الإنسانية، يؤكد لنا بجلاء كيف أن الرأي كان خلف عرقلة مسيرة الإنسانية نحو بلوغ الحقيقة،تارة بدعوى إفساد عقول الشباب، مثلما وقع لسقراط،أو بدعوى معارضة آراء الفقهاء كما حدث لابن رشد فيلسوف قرطبة،أوالمس بثوابت الكنيسة مثلما وقع لغاليلي الذي كان يردد بجرأة إصرار بأن الأرض تدور.

02 ــ معايير الحقيقة:على أي أساس تقاس صلاحية حقيقة معينة؟
الاتجاه العقلاني:ديكارت"سنقوم هنا بتعداد جميع الأفعال العقلية التي نتمكن بواسطتها من الوصول إلى حقيقة الأشياء دون خشية الوقوع الخطأ؛وهما اثنان فقط: الحدس والاستنباط"

أما سبينوزا فقد اعتبر أن الحقيقة معيار ذاتها" إن من لديه فكرة صحيحة يعلم في نفس الوقت، أن لديه فكرة صحيحة، ولا يمكنه أن يشك في صدق معرفته(...) فكما أن بانكشاف النور ينقشع الظلام، فالحقيقة أيضا إنما هي معيار ذاتها ومعيار للخطأ"
إن لايبنتز ينتقد تصور ديكارت لمعيار الحقيقة والمتمثل في الوضوح والتميز،يقول"لقد سبق أن أشرت إلى ضعف القاعدة الشهيرة التي يتم اعتمادها في كل مناسبةــ وهي ألا نقبل سوى الأفكار الواضحة والمتميزة ــ إذا لم نحدد مؤشرات قوية لكلمتي[واضحة] و[متميزة]غير تلك التي أعطاها ديكارت.إن القواعد التي دافع عنها أرسطو وكذا علماء الهندسة أكثر أهمية من السابقة، مثال ذلك ألا نقبل أي شيء(بغض النظر عن المبادئ، أي الحقائق الأولية أو الفرضيات)، ما لم يكن مبرهنا عليها بشكل سليم"منطقيا أو رياضيا.
الاتجاه التجريبي:إن معيار صدق الحقيقة هو مطابقة الفكر للواقع من حيث هو واقع حسي تجريبي،كما أن التجربة الحسية هي مصدر معارفنا. فلا وجود لحقائق عقلية قبلية كما اعتقد أرسطو و ديكارت.
*الحقائق البسيطة تأتي إلى الدهن من الخارج عن طريق الحواس.
* الحقائق المركبة ، حصيلة التركيب العقلي للحقائق البسيطة.

الاتجاه النقدي:بعدما انتقد كانط كلا من الاتجاه العقلاني والاتجاه الحسي الاختباري وأبرز حدود كل منهما،اعتبر أن الحقيقة لا توجد لا في الواقع ولا في الفكر على نحو جاهز وقبلي، وإنما هي بناء وتشييد يساهم فيه الفكر والخبرة الحسية أيضا. ثم تساءل حول إمكانية وجود معيار كوني ومادي للحقيقة،فخلص إلى النتيجة التالية"من غير الممكن أن يوجد معيار مادي وكوني للحقيقة لأن هذا أمر متناقض في حد ذاته"لأن الموضوعات مختلفة من الناحية المادية، "وبالمقابل إذا كان الأمر يتعلق بمعايير صورية
وكونية، فمن اليسر أن نقر بجواز ذلك، لأن الحقيقة الصورية تكمن
في مطابقة المعرفة لذاتها،بغض النظر عن الموضوعات وعن أي
اختلاف بينها"
* الحقيقة المادية هي الحقيقة المرتبطة بكل موضوع مادي على حدة.
*الحقيقة الصورية هي التي تستجيب للمعايير المنطقية والكونية التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها. أي القوانين الكونية للفهم والعقل.

هيدغر:"فالحقيقي،سواء كان شيئا أوحكما،هو ما يتوافق ويتطابق.الحقيقي والحقيقة يعنيان هنا التوافق(التطابق)، وذلك بطريقة مزدوجة:أولا، كتطابق بين الشيء وما نتصوره عنه، ثم كتطابق بين ما يدل عليه الملفوظ وبين الشيء."


03 ــ الحقيقة بوصفها قيمة:أين تكمن قيمة الحقيقة؟
يرى كانط أن الحقيقة قيمة أخلاقية وعملية،فإذا كان البرهان هو الشرط المعرفي والمنطقي لكونيتها فإن الحرية والنزاهة تظلان هما شرطيها الأخلاقي مهما كانت الظروف والملابسات.

جيمس الحقيقة قيمة عملية.إن الاتجاه البراغماتي يربط قيمة الحقيقة بمدى اجرائيتها،من خلال العمل الذي تنجزه."علي أولا أن أذكركم بأن امتلاك أفكار صحيحة[صادقة] يعني على
وجه الدقة امتلاك أدوات ثمينة للعمل"


يرى نيتشه أن للحقيقة قيمة وجودية في خدمة الحياة."إن الإنسان لايبتغي الحقيقة سوى في معناها الضيق:إنه يطمع في العواقب الحميدة والممتعة أي تلك التي تحفظ الحياة. أما المعرفة الخالصة فهولا يكثرت بها، بل إنه مستعد لمعاداة الحقائق المؤذية الهدامة.
فما الحقيقة إذن؟ إنها حشد متحرك من الاستعارات والكنايات والتشبيهات،و هي باختصار جملة من العلاقات البشرية التي تم تحويرها شعريا وبلاغيا، حتى غدت بعد طول استعمال تبدو لشعب من الشعوب دقيقة ومشروعة وذات سلطة قسرية.إلا أن الحقائق أوهام نسي الإنسان أنها كذلك"

الحقيقة قيمة وجودية في خدمة المعنى والمعقولية، حسب إريك فايل، فالمعنى الفلسفي للحقيقة لا يتمثل في تطابق الفكر مع الواقع،وإنما في تطابق الإنسان مع الفكر. إن آخر الحقيقة ليس هو الخطأ، وإنما العنف، الذي يتجسد في رفض العقل والمعنى والتماسك(التعصب للرأي على حساب العقل).


قضايا فلسفية للبحث والمناقشة.:
هل هناك إمكانية للحديث عن أحادية الحقيقة؟
"الحقيقة سلطة ولا تخلو من سلطة"أوضح معنى هذا القول وبين أبعاده. *الحدس:إدراك عقلي بسيط ومباشر.
*الاستنباط:عملية ذهنية غير مباشرة، ينتقل بها الفكر من حقائق أولى إلى حقائق جديدة.


























تمهيد وطرح إشكالي:

باعتبار الإنسان كائنا حيا عاقلا، و باعتباره كائنا حيا ناطقا واجتماعيا أيضا، فإنه على خلاف باقي الكائنات الحية الأخرى ينفرد بهاجس البحث عن الحقيقة و إرادة بلوغها و الحاجة إلى تبليغها للآخرين. فالحقيقة هي غاية كل تفكير و كل خطاب، كما أنها حاجة وجودية بالنسبة للإنسان. مما يستوجب تحديد دلالتها، وأدوات بلوغها، وإدراك معاييرها والتساؤل حول قيمتها.
فما هي دلالة مفهوم الحقيقة؟ ثم هل هي معطى أم بناء؟ وما هي وسائل بلوغها؟ وأخيرا ما معاييرها؟ وأين تكمن قيمتها؟

يجذر بنا أولا القيام بقراءة فلسفية نقدية في معطيات المعرفة العامية حول دلالة مفهوم الحقيقة، ذلك أن الحس المشترك لايميز بين مفهومي الحقيقة والواقع، فالحقيقي في رأيه هو الواقعي رغم أنهما من طبيعتين مختلفتين فالحقيقة من طبيعة فكرية أو نظرية، بينما الواقع من طبيعة مادية ملموسة، كما يعتقد أيضا،أن الرأي الصادرمن القلب أو الوجدان أكثر عمقا و صدقا من الفكرة المشيدة عقليا ،ويعتبر أن إجماع الآراء حول قضية معينة يعد دليلا كافيا على صحة هذه القضية! لذلك سنعمل على تحديد كل من مفهومي الحقيقة والرأي،ثم نتطرق إلى العلاقة المحتملة بينهما.

دلالة مفهوم الحقيقة:ما دلالة الحقيقة ؟ وما دلالة الرأي؟
مقارنة بين مفهومي الحقيقة والرأي:
يمكن تحديد مفهوم الحقيقة حسب المعجم الفلسفي لأندري لالاند كما يلي "الحقيقة هي خاصية ما هو حق،وهي القضية الصادقة"إنها صفة تميز الأحكام والقضايا،وبالتالي فهي مرتبطة بمجالي الفكر واللغة. ومن ثمة وجب التمييز بين مستويين من المعرفة حسب الفيلسوف والمنطقي ب.راسل، بين المعرفة بالأشياء والمعرفة بالحقائق، فالأولى مباشرة ولا تحتمل الخطأ،أما الثانية فتحتمل الصواب والخطأ،لذلك فمشكلة الحقيقة ارتبطت فلسفيا بالأحكام والقضايا،وليس بالأشياء، فمثلا، لا يجوز اعتبار المحفظة في حد ذاتها حقيقة أو خطأ، لكن قي المقابل يمكن الاعتقاد بأنها محفظة،كما يمكن القول أنها محفظة،فإذا تطابق الحكم(الفكرة) مع الواقع، كانت حقيقة،وإذا لم يتطابق كانت خطأ أوهما،ونفس الأمر، إذا تطابق المنطوق مع الواقع كانت حقيقة،أما العكس فكذب. أما جاكلين روس فقد حددتها كما يلي" المعنى المنطقي للحقيقة هو التطابق بين الفكر وذاته،والمعنى الفلسفي يدل على انسجام الفكر مع ما يدل عليه أي موضوع،كان معرفة أو واقعا". يتبين لنا من خلال هذين التحديدين أن الحقيقة تتأسس على المطابقة أوالملاءمة:مطابقة الفكر للواقع،أوتوافق المنطوق معه،أو ملاءمة الفكر لذاته.
بينما يتحدد الرأي كحالة ذهنية تلقائية، تتمثل في الاعتقاد بصحة إحساس أو قول معين، إنه معرفة عامية سطحية وساذجة، غير مبني بشكل استدلالي منهجي منظم، شكل من أشكال الاعتقاد الذي يغلب عليه الظن،حكم لا يقوم على أسس عقلية واضحة،يتسم بالذاتية و البساطة والاختبارية والعفوية.


ــ الحقيقة والرأي:العلاقة بين الحقيقة والرأي.
هل يمكن تأسيس الحقيقة على الرأي؟هل يعتبر الإجماع دليلا كافيا
للحديث عن الحقيقة؟

الأطروحة الأفلاطونية:
يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن التأمل العقلي الخالص هو السبيل لبلوغ الحقيقة العقلية وتجاوز المعرفة الظنية. فالمعرفة التأملية الخالصة، التي يمارسها الفيلسوف تتميز بالثبات واليقين، بينما المعرفة الحسية والآراء الشائعة لدى الإنسان العامي فمتغيرة وفاسدة، وقد بسط أطروحته بشكل تبسيطي في أمثولة الكهف.

الأطروحة الديكارتية:
كما أن الفيلسوف الفرنسي ديكارت دعا إلى ضرورة ممارسة الشك المنهجي لتجاوز خداع الحواس،وخطأ المعارف الجاهزة والمسبقة،يقول،"لكن لما كان غرضنا الآن مقصورا على الانصراف إلى البحث عن الحقيقة، فبوسعنا أن نشك أولا بصدد الأشياء التي وقعت تحت حواسنا أو التي تخيلناها (...)ذلك لأن التجربة قد دلتنا على أن حواسنا قد خدعتنا في مواطن كثيرة،وأنه قد يكون من قلة التبصر أن نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة(...)وبوسعنا أن نشك في كل الأشياء التي بدت لنا من قبل يقينية جدا،بل نشك في براهين الرياضيات وفي مبادئها(...)لأن من الناس من أخطأ في هذه الأمور"وبالتالي هناك ضرورة ممارسة الشك المنهجي وافتحاص الآراء المتداولة الشائعة، بغرض الوصول إلى حقائق واضحة ومتميزة، تكون منطلق تشييد الحقائق الأخرى.

الأطروحة الباشلارية.
لقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي أن الرأي يشكل عائقا أمام بلوغ المعرفة العلمية الصحيحة يقول "إن الرأي يفكر تفكيرا سيئا،بل إنه لا يفكر،فهو يترجم الحاجات إلى معارف... لا يمكن تأسيس أي شيء على الرأي،بل ينبغي هدمه"بمعنى أن الرأي لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل ذاتي عفوي،يتسم بالحسية والإخبارية الضيقة.فالرأي يلون الموضوعات بلون رغباته وميولاته،مما يسقطه في الذاتية ويبعده عن الموضوعية، والدقة المنهجية.
إن ماينطبق على الحقيقة العلمية في علاقتها بالرأي يمكن تعميمه على علاقة الفلسفة بالرأي أيضا،فتاريخ الفلسفة يؤكد لنا أن الحطاب الفلسفي كان دائما في مواجهة قوية مع الرأيDoxa))،حيث أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون اعتبر أن التفلسف يستهدف بالأساس التحرر من الأفكار الجاهزة والمسبقة، ومعطيات الإدراكات الحسية،لأنها لاتنتج سوى الظن والمعرفة الوهمية.لذا على الفيلسوف ممارسة التأمل العقلي الخالص،و التحرر من بادئ الرأي للوصول إلى الحقيقة النقية الخالصة. وقد اتخذ ديكارت نفس الموقف من الرأي كذلك.
إن تاريخ المعرفة الإنسانية، يؤكد لنا بجلاء كيف أن الرأي كان خلف عرقلة مسيرة الإنسانية نحو بلوغ الحقيقة،تارة بدعوى إفساد عقول الشباب، مثلما وقع لسقراط،أو بدعوى معارضة آراء الفقهاء كما حدث لابن رشد فيلسوف قرطبة،أوالمس بثوابت الكنيسة مثلما وقع لغاليلي الذي كان يردد بجرأة إصرار بأن الأرض تدور.

02 ــ معايير الحقيقة:على أي أساس تقاس صلاحية حقيقة معينة؟
الاتجاه العقلاني:ديكارت"سنقوم هنا بتعداد جميع الأفعال العقلية التي نتمكن بواسطتها من الوصول إلى حقيقة الأشياء دون خشية الوقوع الخطأ؛وهما اثنان فقط: الحدس والاستنباط"

أما سبينوزا فقد اعتبر أن الحقيقة معيار ذاتها" إن من لديه فكرة صحيحة يعلم في نفس الوقت، أن لديه فكرة صحيحة، ولا يمكنه أن يشك في صدق معرفته(...) فكما أن بانكشاف النور ينقشع الظلام، فالحقيقة أيضا إنما هي معيار ذاتها ومعيار للخطأ"
إن لايبنتز ينتقد تصور ديكارت لمعيار الحقيقة والمتمثل في الوضوح والتميز،يقول"لقد سبق أن أشرت إلى ضعف القاعدة الشهيرة التي يتم اعتمادها في كل مناسبةــ وهي ألا نقبل سوى الأفكار الواضحة والمتميزة ــ إذا لم نحدد مؤشرات قوية لكلمتي[واضحة] و[متميزة]غير تلك التي أعطاها ديكارت.إن القواعد التي دافع عنها أرسطو وكذا علماء الهندسة أكثر أهمية من السابقة، مثال ذلك ألا نقبل أي شيء(بغض النظر عن المبادئ، أي الحقائق الأولية أو الفرضيات)، ما لم يكن مبرهنا عليها بشكل سليم"منطقيا أو رياضيا.
الاتجاه التجريبي:إن معيار صدق الحقيقة هو مطابقة الفكر للواقع من حيث هو واقع حسي تجريبي،كما أن التجربة الحسية هي مصدر معارفنا. فلا وجود لحقائق عقلية قبلية كما اعتقد أرسطو و ديكارت.
*الحقائق البسيطة تأتي إلى الدهن من الخارج عن طريق الحواس.
* الحقائق المركبة ، حصيلة التركيب العقلي للحقائق البسيطة.

الاتجاه النقدي:بعدما انتقد كانط كلا من الاتجاه العقلاني والاتجاه الحسي الاختباري وأبرز حدود كل منهما،اعتبر أن الحقيقة لا توجد لا في الواقع ولا في الفكر على نحو جاهز وقبلي، وإنما هي بناء وتشييد يساهم فيه الفكر والخبرة الحسية أيضا. ثم تساءل حول إمكانية وجود معيار كوني ومادي للحقيقة،فخلص إلى النتيجة التالية"من غير الممكن أن يوجد معيار مادي وكوني للحقيقة لأن هذا أمر متناقض في حد ذاته"لأن الموضوعات مختلفة من الناحية المادية، "وبالمقابل إذا كان الأمر يتعلق بمعايير صورية
وكونية، فمن اليسر أن نقر بجواز ذلك، لأن الحقيقة الصورية تكمن
في مطابقة المعرفة لذاتها،بغض النظر عن الموضوعات وعن أي
اختلاف بينها"
* الحقيقة المادية هي الحقيقة المرتبطة بكل موضوع مادي على حدة.
*الحقيقة الصورية هي التي تستجيب للمعايير المنطقية والكونية التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها. أي القوانين الكونية للفهم والعقل.

هيدغر:"فالحقيقي،سواء كان شيئا أوحكما،هو ما يتوافق ويتطابق.الحقيقي والحقيقة يعنيان هنا التوافق(التطابق)، وذلك بطريقة مزدوجة:أولا، كتطابق بين الشيء وما نتصوره عنه، ثم كتطابق بين ما يدل عليه الملفوظ وبين الشيء."


03 ــ الحقيقة بوصفها قيمة:أين تكمن قيمة الحقيقة؟
يرى كانط أن الحقيقة قيمة أخلاقية وعملية،فإذا كان البرهان هو الشرط المعرفي والمنطقي لكونيتها فإن الحرية والنزاهة تظلان هما شرطيها الأخلاقي مهما كانت الظروف والملابسات.

جيمس الحقيقة قيمة عملية.إن الاتجاه البراغماتي يربط قيمة الحقيقة بمدى اجرائيتها،من خلال العمل الذي تنجزه."علي أولا أن أذكركم بأن امتلاك أفكار صحيحة[صادقة] يعني على
وجه الدقة امتلاك أدوات ثمينة للعمل"


يرى نيتشه أن للحقيقة قيمة وجودية في خدمة الحياة."إن الإنسان لايبتغي الحقيقة سوى في معناها الضيق:إنه يطمع في العواقب الحميدة والممتعة أي تلك التي تحفظ الحياة. أما المعرفة الخالصة فهولا يكثرت بها، بل إنه مستعد لمعاداة الحقائق المؤذية الهدامة.
فما الحقيقة إذن؟ إنها حشد متحرك من الاستعارات والكنايات والتشبيهات،و هي باختصار جملة من العلاقات البشرية التي تم تحويرها شعريا وبلاغيا، حتى غدت بعد طول استعمال تبدو لشعب من الشعوب دقيقة ومشروعة وذات سلطة قسرية.إلا أن الحقائق أوهام نسي الإنسان أنها كذلك"

الحقيقة قيمة وجودية في خدمة المعنى والمعقولية، حسب إريك فايل، فالمعنى الفلسفي للحقيقة لا يتمثل في تطابق الفكر مع الواقع،وإنما في تطابق الإنسان مع الفكر. إن آخر الحقيقة ليس هو الخطأ، وإنما العنف، الذي يتجسد في رفض العقل والمعنى والتماسك(التعصب للرأي على حساب العقل).


قضايا فلسفية للبحث والمناقشة.:
هل هناك إمكانية للحديث عن أحادية الحقيقة؟
"الحقيقة سلطة ولا تخلو من سلطة"أوضح معنى هذا القول وبين أبعاده. *الحدس:إدراك عقلي بسيط ومباشر.
*الاستنباط:عملية ذهنية غير مباشرة، ينتقل بها الفكر من حقائق أولى إلى حقائق جديدة.






















الحقيقــــة



تمهيد وطرح إشكالي:

باعتبار الإنسان كائنا حيا عاقلا، و باعتباره كائنا حيا ناطقا واجتماعيا أيضا، فإنه على خلاف باقي الكائنات الحية الأخرى ينفرد بهاجس البحث عن الحقيقة و إرادة بلوغها و الحاجة إلى تبليغها للآخرين. فالحقيقة هي غاية كل تفكير و كل خطاب، كما أنها حاجة وجودية بالنسبة للإنسان. مما يستوجب تحديد دلالتها، وأدوات بلوغها، وإدراك معاييرها والتساؤل حول قيمتها.
فما هي دلالة مفهوم الحقيقة؟ ثم هل هي معطى أم بناء؟ وما هي وسائل بلوغها؟ وأخيرا ما معاييرها؟ وأين تكمن قيمتها؟

يجذر بنا أولا القيام بقراءة فلسفية نقدية في معطيات المعرفة العامية حول دلالة مفهوم الحقيقة، ذلك أن الحس المشترك لايميز بين مفهومي الحقيقة والواقع، فالحقيقي في رأيه هو الواقعي رغم أنهما من طبيعتين مختلفتين فالحقيقة من طبيعة فكرية أو نظرية، بينما الواقع من طبيعة مادية ملموسة، كما يعتقد أيضا،أن الرأي الصادرمن القلب أو الوجدان أكثر عمقا و صدقا من الفكرة المشيدة عقليا ،ويعتبر أن إجماع الآراء حول قضية معينة يعد دليلا كافيا على صحة هذه القضية! لذلك سنعمل على تحديد كل من مفهومي الحقيقة والرأي،ثم نتطرق إلى العلاقة المحتملة بينهما.

دلالة مفهوم الحقيقة:ما دلالة الحقيقة ؟ وما دلالة الرأي؟
مقارنة بين مفهومي الحقيقة والرأي:
يمكن تحديد مفهوم الحقيقة حسب المعجم الفلسفي لأندري لالاند كما يلي "الحقيقة هي خاصية ما هو حق،وهي القضية الصادقة"إنها صفة تميز الأحكام والقضايا،وبالتالي فهي مرتبطة بمجالي الفكر واللغة. ومن ثمة وجب التمييز بين مستويين من المعرفة حسب الفيلسوف والمنطقي ب.راسل، بين المعرفة بالأشياء والمعرفة بالحقائق، فالأولى مباشرة ولا تحتمل الخطأ،أما الثانية فتحتمل الصواب والخطأ،لذلك فمشكلة الحقيقة ارتبطت فلسفيا بالأحكام والقضايا،وليس بالأشياء، فمثلا، لا يجوز اعتبار المحفظة في حد ذاتها حقيقة أو خطأ، لكن قي المقابل يمكن الاعتقاد بأنها محفظة،كما يمكن القول أنها محفظة،فإذا تطابق الحكم(الفكرة) مع الواقع، كانت حقيقة،وإذا لم يتطابق كانت خطأ أوهما،ونفس الأمر، إذا تطابق المنطوق مع الواقع كانت حقيقة،أما العكس فكذب. أما جاكلين روس فقد حددتها كما يلي" المعنى المنطقي للحقيقة هو التطابق بين الفكر وذاته،والمعنى الفلسفي يدل على انسجام الفكر مع ما يدل عليه أي موضوع،كان معرفة أو واقعا". يتبين لنا من خلال هذين التحديدين أن الحقيقة تتأسس على المطابقة أوالملاءمة:مطابقة الفكر للواقع،أوتوافق المنطوق معه،أو ملاءمة الفكر لذاته.
بينما يتحدد الرأي كحالة ذهنية تلقائية، تتمثل في الاعتقاد بصحة إحساس أو قول معين، إنه معرفة عامية سطحية وساذجة، غير مبني بشكل استدلالي منهجي منظم، شكل من أشكال الاعتقاد الذي يغلب عليه الظن،حكم لا يقوم على أسس عقلية واضحة،يتسم بالذاتية و البساطة والاختبارية والعفوية.


ــ الحقيقة والرأي:العلاقة بين الحقيقة والرأي.
هل يمكن تأسيس الحقيقة على الرأي؟هل يعتبر الإجماع دليلا كافيا
للحديث عن الحقيقة؟

الأطروحة الأفلاطونية:
يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن التأمل العقلي الخالص هو السبيل لبلوغ الحقيقة العقلية وتجاوز المعرفة الظنية. فالمعرفة التأملية الخالصة، التي يمارسها الفيلسوف تتميز بالثبات واليقين، بينما المعرفة الحسية والآراء الشائعة لدى الإنسان العامي فمتغيرة وفاسدة، وقد بسط أطروحته بشكل تبسيطي في أمثولة الكهف.

الأطروحة الديكارتية:
كما أن الفيلسوف الفرنسي ديكارت دعا إلى ضرورة ممارسة الشك المنهجي لتجاوز خداع الحواس،وخطأ المعارف الجاهزة والمسبقة،يقول،"لكن لما كان غرضنا الآن مقصورا على الانصراف إلى البحث عن الحقيقة، فبوسعنا أن نشك أولا بصدد الأشياء التي وقعت تحت حواسنا أو التي تخيلناها (...)ذلك لأن التجربة قد دلتنا على أن حواسنا قد خدعتنا في مواطن كثيرة،وأنه قد يكون من قلة التبصر أن نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة(...)وبوسعنا أن نشك في كل الأشياء التي بدت لنا من قبل يقينية جدا،بل نشك في براهين الرياضيات وفي مبادئها(...)لأن من الناس من أخطأ في هذه الأمور"وبالتالي هناك ضرورة ممارسة الشك المنهجي وافتحاص الآراء المتداولة الشائعة، بغرض الوصول إلى حقائق واضحة ومتميزة، تكون منطلق تشييد الحقائق الأخرى.

الأطروحة الباشلارية.
لقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي أن الرأي يشكل عائقا أمام بلوغ المعرفة العلمية الصحيحة يقول "إن الرأي يفكر تفكيرا سيئا،بل إنه لا يفكر،فهو يترجم الحاجات إلى معارف... لا يمكن تأسيس أي شيء على الرأي،بل ينبغي هدمه"بمعنى أن الرأي لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل ذاتي عفوي،يتسم بالحسية والإخبارية الضيقة.فالرأي يلون الموضوعات بلون رغباته وميولاته،مما يسقطه في الذاتية ويبعده عن الموضوعية، والدقة المنهجية.
إن ماينطبق على الحقيقة العلمية في علاقتها بالرأي يمكن تعميمه على علاقة الفلسفة بالرأي أيضا،فتاريخ الفلسفة يؤكد لنا أن الحطاب الفلسفي كان دائما في مواجهة قوية مع الرأيDoxa))،حيث أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون اعتبر أن التفلسف يستهدف بالأساس التحرر من الأفكار الجاهزة والمسبقة، ومعطيات الإدراكات الحسية،لأنها لاتنتج سوى الظن والمعرفة الوهمية.لذا على الفيلسوف ممارسة التأمل العقلي الخالص،و التحرر من بادئ الرأي للوصول إلى الحقيقة النقية الخالصة. وقد اتخذ ديكارت نفس الموقف من الرأي كذلك.
إن تاريخ المعرفة الإنسانية، يؤكد لنا بجلاء كيف أن الرأي كان خلف عرقلة مسيرة الإنسانية نحو بلوغ الحقيقة،تارة بدعوى إفساد عقول الشباب، مثلما وقع لسقراط،أو بدعوى معارضة آراء الفقهاء كما حدث لابن رشد فيلسوف قرطبة،أوالمس بثوابت الكنيسة مثلما وقع لغاليلي الذي كان يردد بجرأة إصرار بأن الأرض تدور.

02 ــ معايير الحقيقة:على أي أساس تقاس صلاحية حقيقة معينة؟
الاتجاه العقلاني:ديكارت"سنقوم هنا بتعداد جميع الأفعال العقلية التي نتمكن بواسطتها من الوصول إلى حقيقة الأشياء دون خشية الوقوع الخطأ؛وهما اثنان فقط: الحدس والاستنباط"

أما سبينوزا فقد اعتبر أن الحقيقة معيار ذاتها" إن من لديه فكرة صحيحة يعلم في نفس الوقت، أن لديه فكرة صحيحة، ولا يمكنه أن يشك في صدق معرفته(...) فكما أن بانكشاف النور ينقشع الظلام، فالحقيقة أيضا إنما هي معيار ذاتها ومعيار للخطأ"
إن لايبنتز ينتقد تصور ديكارت لمعيار الحقيقة والمتمثل في الوضوح والتميز،يقول"لقد سبق أن أشرت إلى ضعف القاعدة الشهيرة التي يتم اعتمادها في كل مناسبةــ وهي ألا نقبل سوى الأفكار الواضحة والمتميزة ــ إذا لم نحدد مؤشرات قوية لكلمتي[واضحة] و[متميزة]غير تلك التي أعطاها ديكارت.إن القواعد التي دافع عنها أرسطو وكذا علماء الهندسة أكثر أهمية من السابقة، مثال ذلك ألا نقبل أي شيء(بغض النظر عن المبادئ، أي الحقائق الأولية أو الفرضيات)، ما لم يكن مبرهنا عليها بشكل سليم"منطقيا أو رياضيا.
الاتجاه التجريبي:إن معيار صدق الحقيقة هو مطابقة الفكر للواقع من حيث هو واقع حسي تجريبي،كما أن التجربة الحسية هي مصدر معارفنا. فلا وجود لحقائق عقلية قبلية كما اعتقد أرسطو و ديكارت.
*الحقائق البسيطة تأتي إلى الدهن من الخارج عن طريق الحواس.
* الحقائق المركبة ، حصيلة التركيب العقلي للحقائق البسيطة.

الاتجاه النقدي:بعدما انتقد كانط كلا من الاتجاه العقلاني والاتجاه الحسي الاختباري وأبرز حدود كل منهما،اعتبر أن الحقيقة لا توجد لا في الواقع ولا في الفكر على نحو جاهز وقبلي، وإنما هي بناء وتشييد يساهم فيه الفكر والخبرة الحسية أيضا. ثم تساءل حول إمكانية وجود معيار كوني ومادي للحقيقة،فخلص إلى النتيجة التالية"من غير الممكن أن يوجد معيار مادي وكوني للحقيقة لأن هذا أمر متناقض في حد ذاته"لأن الموضوعات مختلفة من الناحية المادية، "وبالمقابل إذا كان الأمر يتعلق بمعايير صورية
وكونية، فمن اليسر أن نقر بجواز ذلك، لأن الحقيقة الصورية تكمن
في مطابقة المعرفة لذاتها،بغض النظر عن الموضوعات وعن أي
اختلاف بينها"
* الحقيقة المادية هي الحقيقة المرتبطة بكل موضوع مادي على حدة.
*الحقيقة الصورية هي التي تستجيب للمعايير المنطقية والكونية التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها. أي القوانين الكونية للفهم والعقل.

هيدغر:"فالحقيقي،سواء كان شيئا أوحكما،هو ما يتوافق ويتطابق.الحقيقي والحقيقة يعنيان هنا التوافق(التطابق)، وذلك بطريقة مزدوجة:أولا، كتطابق بين الشيء وما نتصوره عنه، ثم كتطابق بين ما يدل عليه الملفوظ وبين الشيء."


03 ــ الحقيقة بوصفها قيمة:أين تكمن قيمة الحقيقة؟
يرى كانط أن الحقيقة قيمة أخلاقية وعملية،فإذا كان البرهان هو الشرط المعرفي والمنطقي لكونيتها فإن الحرية والنزاهة تظلان هما شرطيها الأخلاقي مهما كانت الظروف والملابسات.

جيمس الحقيقة قيمة عملية.إن الاتجاه البراغماتي يربط قيمة الحقيقة بمدى اجرائيتها،من خلال العمل الذي تنجزه."علي أولا أن أذكركم بأن امتلاك أفكار صحيحة[صادقة] يعني على
وجه الدقة امتلاك أدوات ثمينة للعمل"


يرى نيتشه أن للحقيقة قيمة وجودية في خدمة الحياة."إن الإنسان لايبتغي الحقيقة سوى في معناها الضيق:إنه يطمع في العواقب الحميدة والممتعة أي تلك التي تحفظ الحياة. أما المعرفة الخالصة فهولا يكثرت بها، بل إنه مستعد لمعاداة الحقائق المؤذية الهدامة.
فما الحقيقة إذن؟ إنها حشد متحرك من الاستعارات والكنايات والتشبيهات،و هي باختصار جملة من العلاقات البشرية التي تم تحويرها شعريا وبلاغيا، حتى غدت بعد طول استعمال تبدو لشعب من الشعوب دقيقة ومشروعة وذات سلطة قسرية.إلا أن الحقائق أوهام نسي الإنسان أنها كذلك"

الحقيقة قيمة وجودية في خدمة المعنى والمعقولية، حسب إريك فايل، فالمعنى الفلسفي للحقيقة لا يتمثل في تطابق الفكر مع الواقع،وإنما في تطابق الإنسان مع الفكر. إن آخر الحقيقة ليس هو الخطأ، وإنما العنف، الذي يتجسد في رفض العقل والمعنى والتماسك(التعصب للرأي على حساب العقل).


قضايا فلسفية للبحث والمناقشة.:
هل هناك إمكانية للحديث عن أحادية الحقيقة؟
"الحقيقة سلطة ولا تخلو من سلطة"أوضح معنى هذا القول وبين أبعاده. *الحدس:إدراك عقلي بسيط ومباشر.
*الاستنباط:عملية ذهنية غير مباشرة، ينتقل بها الفكر من حقائق أولى إلى حقائق جديدة.




























ليست هناك تعليقات: