tag:blogger.com,1999:blog-91152467695557437052024-02-20T10:42:15.986-08:00رياض الفلسفةeXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.comBlogger14125tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-22842129783437598292009-06-06T14:57:00.000-07:002009-06-06T14:58:39.224-07:00la vérité<div dir="rtl" align="right">La vérité<br /><br />De prime abord, il faut souligner que le problème de la vérité constitue le souci primordial de tout discours philosophique. D’ailleurs, il n’y a pas de doctrine philosophique, qu'elle soit ancienne ou moderne qui n’ait pas soulevé le problème de la vérité, et qui n’ait pas pour autant élaboré sa théorie de la connaissance là-dessus. L’intérêt philosophique de la thèse de Nietzsche réside dans sa portée critique vis-à- vis des doctrines antérieures sur l’essence du concept de la vérité, comme soit conformité avec le réel ou bien adéquation avec la raison. Cela dit, est-ce que la langue exprime-t-elle- fidèlement la vérité ? la réalité des choses n’échappe-t-elle pas à toute tentative empirique ou rationnelle d’appropriation du sens ?<br /><br />Tout d’abord, Nietzsche entame son argumentation par des exemples tirés de la vie, du vécu, loin de toute spéculation abstraite ou approche épistémologique. Il constate que la langue est incapable de refléter l’existence réelle des êtres, leur développement et devenir. L’exemple significatif de l’arbre symbole de l’élan de la vie n’est pas fortuit. Selon lui, la langue se limite aux relations entre les choses d’une part, et entre elles et nous d’autre part, sans pouvoir atteindre la vérité intrinsèque des choses puisqu’elle ne parvient pas à exprimer la vérité, mais se limitait à désigner les relations des choses avec l’homme de façon métaphorique sans saisir l’être en soi mais son image dans la pensée traduit arbitrairement par un mot quelconque. Ensuite, il affirme que la langue ne pouvait pas non plus démontrer l’existence ou bien l’inexistence des choses puisque le réel, plein de vie, d’énergie et de mouvement, dépasse largement le sens restreint des signes. Enfin, il conclut que l’homme est incapable de saisir la vérité absolue et éternelle par le biais des perceptions, des mots, ou bien des concepts.<br />Alors Nietzsche nie toute vérité qui puisse exister dans le monde, et toute tentative pour l’acquérir serait vaine et absurde.<br />La démarche critique nietzschéenne constitue en fait, une mise en cause des systèmes rationnels et empiriques qui proclamaient une confiance totale envers la raison et aux sens, qui croyaient à l’existence à priori de la vérité. Néanmoins, cette démarche ne propose rien de positif et de rassurant à quelqu’un qui fait de la recherche philosophique ou scientifique son métier ou sa vocation. Certes elle fait prévaloir l’esprit critique sur un certain dogmatisme, mais en revanche elle ne propose ni des points de repères ni des moyens préalables pour diriger l’esprit. Elle se veut destructrice sans par ailleurs donner en échange un discours de la méthode à l’instar de Descartes dans le domaine philosophique, ou des règles de la méthode sociologique à l’instar de Durkheim dans le domaine sociologique.<br /><br />Pour conclure, on peut souligner l’originalité de la doctrine nietzschéenne, surtout sa portée critique qui a mis en valeur l’importance de l’irrationnel dans la quête de la vérité. Cependant, elle n’a pas fourni des outils théoriques ou méthodologiques ni pour affranchir l’homme de ses angoisses intellectuelles, ni pour améliorer sa vie dans le monde, c’est le nihilisme absolu.</div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-46624858355128181112009-05-27T17:46:00.000-07:002009-05-27T17:47:56.780-07:00الخقيقة<div dir="rtl" align="right">الحقيقــــة<br /><br /><br /> الحقيقــــة<br /><br /><br /><br />تمهيد وطرح إشكالي:<br /><br />باعتبار الإنسان كائنا حيا عاقلا، و باعتباره كائنا حيا ناطقا واجتماعيا أيضا، فإنه على خلاف باقي الكائنات الحية الأخرى ينفرد بهاجس البحث عن الحقيقة و إرادة بلوغها و الحاجة إلى تبليغها للآخرين. فالحقيقة هي غاية كل تفكير و كل خطاب، كما أنها حاجة وجودية بالنسبة للإنسان. مما يستوجب تحديد دلالتها، وأدوات بلوغها، وإدراك معاييرها والتساؤل حول قيمتها.<br /> فما هي دلالة مفهوم الحقيقة؟ ثم هل هي معطى أم بناء؟ وما هي وسائل بلوغها؟ وأخيرا ما معاييرها؟ وأين تكمن قيمتها؟<br /><br />يجذر بنا أولا القيام بقراءة فلسفية نقدية في معطيات المعرفة العامية حول دلالة مفهوم الحقيقة، ذلك أن الحس المشترك لايميز بين مفهومي الحقيقة والواقع، فالحقيقي في رأيه هو الواقعي رغم أنهما من طبيعتين مختلفتين فالحقيقة من طبيعة فكرية أو نظرية، بينما الواقع من طبيعة مادية ملموسة، كما يعتقد أيضا،أن الرأي الصادرمن القلب أو الوجدان أكثر عمقا و صدقا من الفكرة المشيدة عقليا ،ويعتبر أن إجماع الآراء حول قضية معينة يعد دليلا كافيا على صحة هذه القضية! لذلك سنعمل على تحديد كل من مفهومي الحقيقة والرأي،ثم نتطرق إلى العلاقة المحتملة بينهما.<br /><br /> دلالة مفهوم الحقيقة:ما دلالة الحقيقة ؟ وما دلالة الرأي؟<br />مقارنة بين مفهومي الحقيقة والرأي:<br />يمكن تحديد مفهوم الحقيقة حسب المعجم الفلسفي لأندري لالاند كما يلي "الحقيقة هي خاصية ما هو حق،وهي القضية الصادقة"إنها صفة تميز الأحكام والقضايا،وبالتالي فهي مرتبطة بمجالي الفكر واللغة. ومن ثمة وجب التمييز بين مستويين من المعرفة حسب الفيلسوف والمنطقي ب.راسل، بين المعرفة بالأشياء والمعرفة بالحقائق، فالأولى مباشرة ولا تحتمل الخطأ،أما الثانية فتحتمل الصواب والخطأ،لذلك فمشكلة الحقيقة ارتبطت فلسفيا بالأحكام والقضايا،وليس بالأشياء، فمثلا، لا يجوز اعتبار المحفظة في حد ذاتها حقيقة أو خطأ، لكن قي المقابل يمكن الاعتقاد بأنها محفظة،كما يمكن القول أنها محفظة،فإذا تطابق الحكم(الفكرة) مع الواقع، كانت حقيقة،وإذا لم يتطابق كانت خطأ أوهما،ونفس الأمر، إذا تطابق المنطوق مع الواقع كانت حقيقة،أما العكس فكذب. أما جاكلين روس فقد حددتها كما يلي" المعنى المنطقي للحقيقة هو التطابق بين الفكر وذاته،والمعنى الفلسفي يدل على انسجام الفكر مع ما يدل عليه أي موضوع،كان معرفة أو واقعا". يتبين لنا من خلال هذين التحديدين أن الحقيقة تتأسس على المطابقة أوالملاءمة:مطابقة الفكر للواقع،أوتوافق المنطوق معه،أو ملاءمة الفكر لذاته.<br /> بينما يتحدد الرأي كحالة ذهنية تلقائية، تتمثل في الاعتقاد بصحة إحساس أو قول معين، إنه معرفة عامية سطحية وساذجة، غير مبني بشكل استدلالي منهجي منظم، شكل من أشكال الاعتقاد الذي يغلب عليه الظن،حكم لا يقوم على أسس عقلية واضحة،يتسم بالذاتية و البساطة والاختبارية والعفوية.<br /><br /><br /> ــ الحقيقة والرأي:العلاقة بين الحقيقة والرأي.<br /> هل يمكن تأسيس الحقيقة على الرأي؟هل يعتبر الإجماع دليلا كافيا <br /> للحديث عن الحقيقة؟<br /><br /> الأطروحة الأفلاطونية:<br /> يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن التأمل العقلي الخالص هو السبيل لبلوغ الحقيقة العقلية وتجاوز المعرفة الظنية. فالمعرفة التأملية الخالصة، التي يمارسها الفيلسوف تتميز بالثبات واليقين، بينما المعرفة الحسية والآراء الشائعة لدى الإنسان العامي فمتغيرة وفاسدة، وقد بسط أطروحته بشكل تبسيطي في أمثولة الكهف. <br /> <br /> الأطروحة الديكارتية:<br /> كما أن الفيلسوف الفرنسي ديكارت دعا إلى ضرورة ممارسة الشك المنهجي لتجاوز خداع الحواس،وخطأ المعارف الجاهزة والمسبقة،يقول،"لكن لما كان غرضنا الآن مقصورا على الانصراف إلى البحث عن الحقيقة، فبوسعنا أن نشك أولا بصدد الأشياء التي وقعت تحت حواسنا أو التي تخيلناها (...)ذلك لأن التجربة قد دلتنا على أن حواسنا قد خدعتنا في مواطن كثيرة،وأنه قد يكون من قلة التبصر أن نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة(...)وبوسعنا أن نشك في كل الأشياء التي بدت لنا من قبل يقينية جدا،بل نشك في براهين الرياضيات وفي مبادئها(...)لأن من الناس من أخطأ في هذه الأمور"وبالتالي هناك ضرورة ممارسة الشك المنهجي وافتحاص الآراء المتداولة الشائعة، بغرض الوصول إلى حقائق واضحة ومتميزة، تكون منطلق تشييد الحقائق الأخرى.<br /> <br /> الأطروحة الباشلارية. <br />لقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي أن الرأي يشكل عائقا أمام بلوغ المعرفة العلمية الصحيحة يقول "إن الرأي يفكر تفكيرا سيئا،بل إنه لا يفكر،فهو يترجم الحاجات إلى معارف... لا يمكن تأسيس أي شيء على الرأي،بل ينبغي هدمه"بمعنى أن الرأي لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل ذاتي عفوي،يتسم بالحسية والإخبارية الضيقة.فالرأي يلون الموضوعات بلون رغباته وميولاته،مما يسقطه في الذاتية ويبعده عن الموضوعية، والدقة المنهجية.<br /> إن ماينطبق على الحقيقة العلمية في علاقتها بالرأي يمكن تعميمه على علاقة الفلسفة بالرأي أيضا،فتاريخ الفلسفة يؤكد لنا أن الحطاب الفلسفي كان دائما في مواجهة قوية مع الرأيDoxa))،حيث أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون اعتبر أن التفلسف يستهدف بالأساس التحرر من الأفكار الجاهزة والمسبقة، ومعطيات الإدراكات الحسية،لأنها لاتنتج سوى الظن والمعرفة الوهمية.لذا على الفيلسوف ممارسة التأمل العقلي الخالص،و التحرر من بادئ الرأي للوصول إلى الحقيقة النقية الخالصة. وقد اتخذ ديكارت نفس الموقف من الرأي كذلك.<br />إن تاريخ المعرفة الإنسانية، يؤكد لنا بجلاء كيف أن الرأي كان خلف عرقلة مسيرة الإنسانية نحو بلوغ الحقيقة،تارة بدعوى إفساد عقول الشباب، مثلما وقع لسقراط،أو بدعوى معارضة آراء الفقهاء كما حدث لابن رشد فيلسوف قرطبة،أوالمس بثوابت الكنيسة مثلما وقع لغاليلي الذي كان يردد بجرأة إصرار بأن الأرض تدور.<br /> <br /> 02 ــ معايير الحقيقة:على أي أساس تقاس صلاحية حقيقة معينة؟<br />الاتجاه العقلاني:ديكارت"سنقوم هنا بتعداد جميع الأفعال العقلية التي نتمكن بواسطتها من الوصول إلى حقيقة الأشياء دون خشية الوقوع الخطأ؛وهما اثنان فقط: الحدس والاستنباط"<br /><br /> أما سبينوزا فقد اعتبر أن الحقيقة معيار ذاتها" إن من لديه فكرة صحيحة يعلم في نفس الوقت، أن لديه فكرة صحيحة، ولا يمكنه أن يشك في صدق معرفته(...) فكما أن بانكشاف النور ينقشع الظلام، فالحقيقة أيضا إنما هي معيار ذاتها ومعيار للخطأ"<br /> إن لايبنتز ينتقد تصور ديكارت لمعيار الحقيقة والمتمثل في الوضوح والتميز،يقول"لقد سبق أن أشرت إلى ضعف القاعدة الشهيرة التي يتم اعتمادها في كل مناسبةــ وهي ألا نقبل سوى الأفكار الواضحة والمتميزة ــ إذا لم نحدد مؤشرات قوية لكلمتي[واضحة] و[متميزة]غير تلك التي أعطاها ديكارت.إن القواعد التي دافع عنها أرسطو وكذا علماء الهندسة أكثر أهمية من السابقة، مثال ذلك ألا نقبل أي شيء(بغض النظر عن المبادئ، أي الحقائق الأولية أو الفرضيات)، ما لم يكن مبرهنا عليها بشكل سليم"منطقيا أو رياضيا.<br /> الاتجاه التجريبي:إن معيار صدق الحقيقة هو مطابقة الفكر للواقع من حيث هو واقع حسي تجريبي،كما أن التجربة الحسية هي مصدر معارفنا. فلا وجود لحقائق عقلية قبلية كما اعتقد أرسطو و ديكارت.<br /> *الحقائق البسيطة تأتي إلى الدهن من الخارج عن طريق الحواس.<br /> * الحقائق المركبة ، حصيلة التركيب العقلي للحقائق البسيطة.<br /> <br /> الاتجاه النقدي:بعدما انتقد كانط كلا من الاتجاه العقلاني والاتجاه الحسي الاختباري وأبرز حدود كل منهما،اعتبر أن الحقيقة لا توجد لا في الواقع ولا في الفكر على نحو جاهز وقبلي، وإنما هي بناء وتشييد يساهم فيه الفكر والخبرة الحسية أيضا. ثم تساءل حول إمكانية وجود معيار كوني ومادي للحقيقة،فخلص إلى النتيجة التالية"من غير الممكن أن يوجد معيار مادي وكوني للحقيقة لأن هذا أمر متناقض في حد ذاته"لأن الموضوعات مختلفة من الناحية المادية، "وبالمقابل إذا كان الأمر يتعلق بمعايير صورية<br /> وكونية، فمن اليسر أن نقر بجواز ذلك، لأن الحقيقة الصورية تكمن<br /> في مطابقة المعرفة لذاتها،بغض النظر عن الموضوعات وعن أي<br /> اختلاف بينها"<br /> * الحقيقة المادية هي الحقيقة المرتبطة بكل موضوع مادي على حدة.<br /> *الحقيقة الصورية هي التي تستجيب للمعايير المنطقية والكونية التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها. أي القوانين الكونية للفهم والعقل.<br /> <br />هيدغر:"فالحقيقي،سواء كان شيئا أوحكما،هو ما يتوافق ويتطابق.الحقيقي والحقيقة يعنيان هنا التوافق(التطابق)، وذلك بطريقة مزدوجة:أولا، كتطابق بين الشيء وما نتصوره عنه، ثم كتطابق بين ما يدل عليه الملفوظ وبين الشيء."<br /><br /><br />03 ــ الحقيقة بوصفها قيمة:أين تكمن قيمة الحقيقة؟<br /> يرى كانط أن الحقيقة قيمة أخلاقية وعملية،فإذا كان البرهان هو الشرط المعرفي والمنطقي لكونيتها فإن الحرية والنزاهة تظلان هما شرطيها الأخلاقي مهما كانت الظروف والملابسات.<br /> <br /> جيمس الحقيقة قيمة عملية.إن الاتجاه البراغماتي يربط قيمة الحقيقة بمدى اجرائيتها،من خلال العمل الذي تنجزه."علي أولا أن أذكركم بأن امتلاك أفكار صحيحة[صادقة] يعني على<br />وجه الدقة امتلاك أدوات ثمينة للعمل"<br /><br /> <br /> يرى نيتشه أن للحقيقة قيمة وجودية في خدمة الحياة."إن الإنسان لايبتغي الحقيقة سوى في معناها الضيق:إنه يطمع في العواقب الحميدة والممتعة أي تلك التي تحفظ الحياة. أما المعرفة الخالصة فهولا يكثرت بها، بل إنه مستعد لمعاداة الحقائق المؤذية الهدامة.<br /> فما الحقيقة إذن؟ إنها حشد متحرك من الاستعارات والكنايات والتشبيهات،و هي باختصار جملة من العلاقات البشرية التي تم تحويرها شعريا وبلاغيا، حتى غدت بعد طول استعمال تبدو لشعب من الشعوب دقيقة ومشروعة وذات سلطة قسرية.إلا أن الحقائق أوهام نسي الإنسان أنها كذلك"<br /> <br /> الحقيقة قيمة وجودية في خدمة المعنى والمعقولية، حسب إريك فايل، فالمعنى الفلسفي للحقيقة لا يتمثل في تطابق الفكر مع الواقع،وإنما في تطابق الإنسان مع الفكر. إن آخر الحقيقة ليس هو الخطأ، وإنما العنف، الذي يتجسد في رفض العقل والمعنى والتماسك(التعصب للرأي على حساب العقل).<br /><br /><br />قضايا فلسفية للبحث والمناقشة.:<br /> هل هناك إمكانية للحديث عن أحادية الحقيقة؟<br /> "الحقيقة سلطة ولا تخلو من سلطة"أوضح معنى هذا القول وبين أبعاده. *الحدس:إدراك عقلي بسيط ومباشر.<br /> *الاستنباط:عملية ذهنية غير مباشرة، ينتقل بها الفكر من حقائق أولى إلى حقائق جديدة.<br /><br /><br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />تمهيد وطرح إشكالي:<br /><br />باعتبار الإنسان كائنا حيا عاقلا، و باعتباره كائنا حيا ناطقا واجتماعيا أيضا، فإنه على خلاف باقي الكائنات الحية الأخرى ينفرد بهاجس البحث عن الحقيقة و إرادة بلوغها و الحاجة إلى تبليغها للآخرين. فالحقيقة هي غاية كل تفكير و كل خطاب، كما أنها حاجة وجودية بالنسبة للإنسان. مما يستوجب تحديد دلالتها، وأدوات بلوغها، وإدراك معاييرها والتساؤل حول قيمتها.<br /> فما هي دلالة مفهوم الحقيقة؟ ثم هل هي معطى أم بناء؟ وما هي وسائل بلوغها؟ وأخيرا ما معاييرها؟ وأين تكمن قيمتها؟<br /><br />يجذر بنا أولا القيام بقراءة فلسفية نقدية في معطيات المعرفة العامية حول دلالة مفهوم الحقيقة، ذلك أن الحس المشترك لايميز بين مفهومي الحقيقة والواقع، فالحقيقي في رأيه هو الواقعي رغم أنهما من طبيعتين مختلفتين فالحقيقة من طبيعة فكرية أو نظرية، بينما الواقع من طبيعة مادية ملموسة، كما يعتقد أيضا،أن الرأي الصادرمن القلب أو الوجدان أكثر عمقا و صدقا من الفكرة المشيدة عقليا ،ويعتبر أن إجماع الآراء حول قضية معينة يعد دليلا كافيا على صحة هذه القضية! لذلك سنعمل على تحديد كل من مفهومي الحقيقة والرأي،ثم نتطرق إلى العلاقة المحتملة بينهما.<br /><br /> دلالة مفهوم الحقيقة:ما دلالة الحقيقة ؟ وما دلالة الرأي؟<br />مقارنة بين مفهومي الحقيقة والرأي:<br />يمكن تحديد مفهوم الحقيقة حسب المعجم الفلسفي لأندري لالاند كما يلي "الحقيقة هي خاصية ما هو حق،وهي القضية الصادقة"إنها صفة تميز الأحكام والقضايا،وبالتالي فهي مرتبطة بمجالي الفكر واللغة. ومن ثمة وجب التمييز بين مستويين من المعرفة حسب الفيلسوف والمنطقي ب.راسل، بين المعرفة بالأشياء والمعرفة بالحقائق، فالأولى مباشرة ولا تحتمل الخطأ،أما الثانية فتحتمل الصواب والخطأ،لذلك فمشكلة الحقيقة ارتبطت فلسفيا بالأحكام والقضايا،وليس بالأشياء، فمثلا، لا يجوز اعتبار المحفظة في حد ذاتها حقيقة أو خطأ، لكن قي المقابل يمكن الاعتقاد بأنها محفظة،كما يمكن القول أنها محفظة،فإذا تطابق الحكم(الفكرة) مع الواقع، كانت حقيقة،وإذا لم يتطابق كانت خطأ أوهما،ونفس الأمر، إذا تطابق المنطوق مع الواقع كانت حقيقة،أما العكس فكذب. أما جاكلين روس فقد حددتها كما يلي" المعنى المنطقي للحقيقة هو التطابق بين الفكر وذاته،والمعنى الفلسفي يدل على انسجام الفكر مع ما يدل عليه أي موضوع،كان معرفة أو واقعا". يتبين لنا من خلال هذين التحديدين أن الحقيقة تتأسس على المطابقة أوالملاءمة:مطابقة الفكر للواقع،أوتوافق المنطوق معه،أو ملاءمة الفكر لذاته.<br /> بينما يتحدد الرأي كحالة ذهنية تلقائية، تتمثل في الاعتقاد بصحة إحساس أو قول معين، إنه معرفة عامية سطحية وساذجة، غير مبني بشكل استدلالي منهجي منظم، شكل من أشكال الاعتقاد الذي يغلب عليه الظن،حكم لا يقوم على أسس عقلية واضحة،يتسم بالذاتية و البساطة والاختبارية والعفوية.<br /><br /><br /> ــ الحقيقة والرأي:العلاقة بين الحقيقة والرأي.<br /> هل يمكن تأسيس الحقيقة على الرأي؟هل يعتبر الإجماع دليلا كافيا <br /> للحديث عن الحقيقة؟<br /><br /> الأطروحة الأفلاطونية:<br /> يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن التأمل العقلي الخالص هو السبيل لبلوغ الحقيقة العقلية وتجاوز المعرفة الظنية. فالمعرفة التأملية الخالصة، التي يمارسها الفيلسوف تتميز بالثبات واليقين، بينما المعرفة الحسية والآراء الشائعة لدى الإنسان العامي فمتغيرة وفاسدة، وقد بسط أطروحته بشكل تبسيطي في أمثولة الكهف. <br /> <br /> الأطروحة الديكارتية:<br /> كما أن الفيلسوف الفرنسي ديكارت دعا إلى ضرورة ممارسة الشك المنهجي لتجاوز خداع الحواس،وخطأ المعارف الجاهزة والمسبقة،يقول،"لكن لما كان غرضنا الآن مقصورا على الانصراف إلى البحث عن الحقيقة، فبوسعنا أن نشك أولا بصدد الأشياء التي وقعت تحت حواسنا أو التي تخيلناها (...)ذلك لأن التجربة قد دلتنا على أن حواسنا قد خدعتنا في مواطن كثيرة،وأنه قد يكون من قلة التبصر أن نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة(...)وبوسعنا أن نشك في كل الأشياء التي بدت لنا من قبل يقينية جدا،بل نشك في براهين الرياضيات وفي مبادئها(...)لأن من الناس من أخطأ في هذه الأمور"وبالتالي هناك ضرورة ممارسة الشك المنهجي وافتحاص الآراء المتداولة الشائعة، بغرض الوصول إلى حقائق واضحة ومتميزة، تكون منطلق تشييد الحقائق الأخرى.<br /> <br /> الأطروحة الباشلارية. <br />لقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي أن الرأي يشكل عائقا أمام بلوغ المعرفة العلمية الصحيحة يقول "إن الرأي يفكر تفكيرا سيئا،بل إنه لا يفكر،فهو يترجم الحاجات إلى معارف... لا يمكن تأسيس أي شيء على الرأي،بل ينبغي هدمه"بمعنى أن الرأي لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل ذاتي عفوي،يتسم بالحسية والإخبارية الضيقة.فالرأي يلون الموضوعات بلون رغباته وميولاته،مما يسقطه في الذاتية ويبعده عن الموضوعية، والدقة المنهجية.<br /> إن ماينطبق على الحقيقة العلمية في علاقتها بالرأي يمكن تعميمه على علاقة الفلسفة بالرأي أيضا،فتاريخ الفلسفة يؤكد لنا أن الحطاب الفلسفي كان دائما في مواجهة قوية مع الرأيDoxa))،حيث أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون اعتبر أن التفلسف يستهدف بالأساس التحرر من الأفكار الجاهزة والمسبقة، ومعطيات الإدراكات الحسية،لأنها لاتنتج سوى الظن والمعرفة الوهمية.لذا على الفيلسوف ممارسة التأمل العقلي الخالص،و التحرر من بادئ الرأي للوصول إلى الحقيقة النقية الخالصة. وقد اتخذ ديكارت نفس الموقف من الرأي كذلك.<br />إن تاريخ المعرفة الإنسانية، يؤكد لنا بجلاء كيف أن الرأي كان خلف عرقلة مسيرة الإنسانية نحو بلوغ الحقيقة،تارة بدعوى إفساد عقول الشباب، مثلما وقع لسقراط،أو بدعوى معارضة آراء الفقهاء كما حدث لابن رشد فيلسوف قرطبة،أوالمس بثوابت الكنيسة مثلما وقع لغاليلي الذي كان يردد بجرأة إصرار بأن الأرض تدور.<br /> <br /> 02 ــ معايير الحقيقة:على أي أساس تقاس صلاحية حقيقة معينة؟<br />الاتجاه العقلاني:ديكارت"سنقوم هنا بتعداد جميع الأفعال العقلية التي نتمكن بواسطتها من الوصول إلى حقيقة الأشياء دون خشية الوقوع الخطأ؛وهما اثنان فقط: الحدس والاستنباط"<br /><br /> أما سبينوزا فقد اعتبر أن الحقيقة معيار ذاتها" إن من لديه فكرة صحيحة يعلم في نفس الوقت، أن لديه فكرة صحيحة، ولا يمكنه أن يشك في صدق معرفته(...) فكما أن بانكشاف النور ينقشع الظلام، فالحقيقة أيضا إنما هي معيار ذاتها ومعيار للخطأ"<br /> إن لايبنتز ينتقد تصور ديكارت لمعيار الحقيقة والمتمثل في الوضوح والتميز،يقول"لقد سبق أن أشرت إلى ضعف القاعدة الشهيرة التي يتم اعتمادها في كل مناسبةــ وهي ألا نقبل سوى الأفكار الواضحة والمتميزة ــ إذا لم نحدد مؤشرات قوية لكلمتي[واضحة] و[متميزة]غير تلك التي أعطاها ديكارت.إن القواعد التي دافع عنها أرسطو وكذا علماء الهندسة أكثر أهمية من السابقة، مثال ذلك ألا نقبل أي شيء(بغض النظر عن المبادئ، أي الحقائق الأولية أو الفرضيات)، ما لم يكن مبرهنا عليها بشكل سليم"منطقيا أو رياضيا.<br /> الاتجاه التجريبي:إن معيار صدق الحقيقة هو مطابقة الفكر للواقع من حيث هو واقع حسي تجريبي،كما أن التجربة الحسية هي مصدر معارفنا. فلا وجود لحقائق عقلية قبلية كما اعتقد أرسطو و ديكارت.<br /> *الحقائق البسيطة تأتي إلى الدهن من الخارج عن طريق الحواس.<br /> * الحقائق المركبة ، حصيلة التركيب العقلي للحقائق البسيطة.<br /> <br /> الاتجاه النقدي:بعدما انتقد كانط كلا من الاتجاه العقلاني والاتجاه الحسي الاختباري وأبرز حدود كل منهما،اعتبر أن الحقيقة لا توجد لا في الواقع ولا في الفكر على نحو جاهز وقبلي، وإنما هي بناء وتشييد يساهم فيه الفكر والخبرة الحسية أيضا. ثم تساءل حول إمكانية وجود معيار كوني ومادي للحقيقة،فخلص إلى النتيجة التالية"من غير الممكن أن يوجد معيار مادي وكوني للحقيقة لأن هذا أمر متناقض في حد ذاته"لأن الموضوعات مختلفة من الناحية المادية، "وبالمقابل إذا كان الأمر يتعلق بمعايير صورية<br /> وكونية، فمن اليسر أن نقر بجواز ذلك، لأن الحقيقة الصورية تكمن<br /> في مطابقة المعرفة لذاتها،بغض النظر عن الموضوعات وعن أي<br /> اختلاف بينها"<br /> * الحقيقة المادية هي الحقيقة المرتبطة بكل موضوع مادي على حدة.<br /> *الحقيقة الصورية هي التي تستجيب للمعايير المنطقية والكونية التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها. أي القوانين الكونية للفهم والعقل.<br /> <br />هيدغر:"فالحقيقي،سواء كان شيئا أوحكما،هو ما يتوافق ويتطابق.الحقيقي والحقيقة يعنيان هنا التوافق(التطابق)، وذلك بطريقة مزدوجة:أولا، كتطابق بين الشيء وما نتصوره عنه، ثم كتطابق بين ما يدل عليه الملفوظ وبين الشيء."<br /><br /><br />03 ــ الحقيقة بوصفها قيمة:أين تكمن قيمة الحقيقة؟<br /> يرى كانط أن الحقيقة قيمة أخلاقية وعملية،فإذا كان البرهان هو الشرط المعرفي والمنطقي لكونيتها فإن الحرية والنزاهة تظلان هما شرطيها الأخلاقي مهما كانت الظروف والملابسات.<br /> <br /> جيمس الحقيقة قيمة عملية.إن الاتجاه البراغماتي يربط قيمة الحقيقة بمدى اجرائيتها،من خلال العمل الذي تنجزه."علي أولا أن أذكركم بأن امتلاك أفكار صحيحة[صادقة] يعني على<br />وجه الدقة امتلاك أدوات ثمينة للعمل"<br /><br /> <br /> يرى نيتشه أن للحقيقة قيمة وجودية في خدمة الحياة."إن الإنسان لايبتغي الحقيقة سوى في معناها الضيق:إنه يطمع في العواقب الحميدة والممتعة أي تلك التي تحفظ الحياة. أما المعرفة الخالصة فهولا يكثرت بها، بل إنه مستعد لمعاداة الحقائق المؤذية الهدامة.<br /> فما الحقيقة إذن؟ إنها حشد متحرك من الاستعارات والكنايات والتشبيهات،و هي باختصار جملة من العلاقات البشرية التي تم تحويرها شعريا وبلاغيا، حتى غدت بعد طول استعمال تبدو لشعب من الشعوب دقيقة ومشروعة وذات سلطة قسرية.إلا أن الحقائق أوهام نسي الإنسان أنها كذلك"<br /> <br /> الحقيقة قيمة وجودية في خدمة المعنى والمعقولية، حسب إريك فايل، فالمعنى الفلسفي للحقيقة لا يتمثل في تطابق الفكر مع الواقع،وإنما في تطابق الإنسان مع الفكر. إن آخر الحقيقة ليس هو الخطأ، وإنما العنف، الذي يتجسد في رفض العقل والمعنى والتماسك(التعصب للرأي على حساب العقل).<br /><br /><br />قضايا فلسفية للبحث والمناقشة.:<br /> هل هناك إمكانية للحديث عن أحادية الحقيقة؟<br /> "الحقيقة سلطة ولا تخلو من سلطة"أوضح معنى هذا القول وبين أبعاده. *الحدس:إدراك عقلي بسيط ومباشر.<br /> *الاستنباط:عملية ذهنية غير مباشرة، ينتقل بها الفكر من حقائق أولى إلى حقائق جديدة.<br /><br /><br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> الحقيقــــة<br /><br /><br /><br />تمهيد وطرح إشكالي:<br /><br />باعتبار الإنسان كائنا حيا عاقلا، و باعتباره كائنا حيا ناطقا واجتماعيا أيضا، فإنه على خلاف باقي الكائنات الحية الأخرى ينفرد بهاجس البحث عن الحقيقة و إرادة بلوغها و الحاجة إلى تبليغها للآخرين. فالحقيقة هي غاية كل تفكير و كل خطاب، كما أنها حاجة وجودية بالنسبة للإنسان. مما يستوجب تحديد دلالتها، وأدوات بلوغها، وإدراك معاييرها والتساؤل حول قيمتها.<br /> فما هي دلالة مفهوم الحقيقة؟ ثم هل هي معطى أم بناء؟ وما هي وسائل بلوغها؟ وأخيرا ما معاييرها؟ وأين تكمن قيمتها؟<br /><br />يجذر بنا أولا القيام بقراءة فلسفية نقدية في معطيات المعرفة العامية حول دلالة مفهوم الحقيقة، ذلك أن الحس المشترك لايميز بين مفهومي الحقيقة والواقع، فالحقيقي في رأيه هو الواقعي رغم أنهما من طبيعتين مختلفتين فالحقيقة من طبيعة فكرية أو نظرية، بينما الواقع من طبيعة مادية ملموسة، كما يعتقد أيضا،أن الرأي الصادرمن القلب أو الوجدان أكثر عمقا و صدقا من الفكرة المشيدة عقليا ،ويعتبر أن إجماع الآراء حول قضية معينة يعد دليلا كافيا على صحة هذه القضية! لذلك سنعمل على تحديد كل من مفهومي الحقيقة والرأي،ثم نتطرق إلى العلاقة المحتملة بينهما.<br /><br /> دلالة مفهوم الحقيقة:ما دلالة الحقيقة ؟ وما دلالة الرأي؟<br />مقارنة بين مفهومي الحقيقة والرأي:<br />يمكن تحديد مفهوم الحقيقة حسب المعجم الفلسفي لأندري لالاند كما يلي "الحقيقة هي خاصية ما هو حق،وهي القضية الصادقة"إنها صفة تميز الأحكام والقضايا،وبالتالي فهي مرتبطة بمجالي الفكر واللغة. ومن ثمة وجب التمييز بين مستويين من المعرفة حسب الفيلسوف والمنطقي ب.راسل، بين المعرفة بالأشياء والمعرفة بالحقائق، فالأولى مباشرة ولا تحتمل الخطأ،أما الثانية فتحتمل الصواب والخطأ،لذلك فمشكلة الحقيقة ارتبطت فلسفيا بالأحكام والقضايا،وليس بالأشياء، فمثلا، لا يجوز اعتبار المحفظة في حد ذاتها حقيقة أو خطأ، لكن قي المقابل يمكن الاعتقاد بأنها محفظة،كما يمكن القول أنها محفظة،فإذا تطابق الحكم(الفكرة) مع الواقع، كانت حقيقة،وإذا لم يتطابق كانت خطأ أوهما،ونفس الأمر، إذا تطابق المنطوق مع الواقع كانت حقيقة،أما العكس فكذب. أما جاكلين روس فقد حددتها كما يلي" المعنى المنطقي للحقيقة هو التطابق بين الفكر وذاته،والمعنى الفلسفي يدل على انسجام الفكر مع ما يدل عليه أي موضوع،كان معرفة أو واقعا". يتبين لنا من خلال هذين التحديدين أن الحقيقة تتأسس على المطابقة أوالملاءمة:مطابقة الفكر للواقع،أوتوافق المنطوق معه،أو ملاءمة الفكر لذاته.<br /> بينما يتحدد الرأي كحالة ذهنية تلقائية، تتمثل في الاعتقاد بصحة إحساس أو قول معين، إنه معرفة عامية سطحية وساذجة، غير مبني بشكل استدلالي منهجي منظم، شكل من أشكال الاعتقاد الذي يغلب عليه الظن،حكم لا يقوم على أسس عقلية واضحة،يتسم بالذاتية و البساطة والاختبارية والعفوية.<br /><br /><br /> ــ الحقيقة والرأي:العلاقة بين الحقيقة والرأي.<br /> هل يمكن تأسيس الحقيقة على الرأي؟هل يعتبر الإجماع دليلا كافيا <br /> للحديث عن الحقيقة؟<br /><br /> الأطروحة الأفلاطونية:<br /> يرى الفيلسوف اليوناني أفلاطون أن التأمل العقلي الخالص هو السبيل لبلوغ الحقيقة العقلية وتجاوز المعرفة الظنية. فالمعرفة التأملية الخالصة، التي يمارسها الفيلسوف تتميز بالثبات واليقين، بينما المعرفة الحسية والآراء الشائعة لدى الإنسان العامي فمتغيرة وفاسدة، وقد بسط أطروحته بشكل تبسيطي في أمثولة الكهف. <br /> <br /> الأطروحة الديكارتية:<br /> كما أن الفيلسوف الفرنسي ديكارت دعا إلى ضرورة ممارسة الشك المنهجي لتجاوز خداع الحواس،وخطأ المعارف الجاهزة والمسبقة،يقول،"لكن لما كان غرضنا الآن مقصورا على الانصراف إلى البحث عن الحقيقة، فبوسعنا أن نشك أولا بصدد الأشياء التي وقعت تحت حواسنا أو التي تخيلناها (...)ذلك لأن التجربة قد دلتنا على أن حواسنا قد خدعتنا في مواطن كثيرة،وأنه قد يكون من قلة التبصر أن نطمئن كل الاطمئنان إلى من خدعونا ولو مرة واحدة(...)وبوسعنا أن نشك في كل الأشياء التي بدت لنا من قبل يقينية جدا،بل نشك في براهين الرياضيات وفي مبادئها(...)لأن من الناس من أخطأ في هذه الأمور"وبالتالي هناك ضرورة ممارسة الشك المنهجي وافتحاص الآراء المتداولة الشائعة، بغرض الوصول إلى حقائق واضحة ومتميزة، تكون منطلق تشييد الحقائق الأخرى.<br /> <br /> الأطروحة الباشلارية. <br />لقد اعتبر الفيلسوف الفرنسي أن الرأي يشكل عائقا أمام بلوغ المعرفة العلمية الصحيحة يقول "إن الرأي يفكر تفكيرا سيئا،بل إنه لا يفكر،فهو يترجم الحاجات إلى معارف... لا يمكن تأسيس أي شيء على الرأي،بل ينبغي هدمه"بمعنى أن الرأي لا يعدو أن يكون مجرد رد فعل ذاتي عفوي،يتسم بالحسية والإخبارية الضيقة.فالرأي يلون الموضوعات بلون رغباته وميولاته،مما يسقطه في الذاتية ويبعده عن الموضوعية، والدقة المنهجية.<br /> إن ماينطبق على الحقيقة العلمية في علاقتها بالرأي يمكن تعميمه على علاقة الفلسفة بالرأي أيضا،فتاريخ الفلسفة يؤكد لنا أن الحطاب الفلسفي كان دائما في مواجهة قوية مع الرأيDoxa))،حيث أن الفيلسوف اليوناني أفلاطون اعتبر أن التفلسف يستهدف بالأساس التحرر من الأفكار الجاهزة والمسبقة، ومعطيات الإدراكات الحسية،لأنها لاتنتج سوى الظن والمعرفة الوهمية.لذا على الفيلسوف ممارسة التأمل العقلي الخالص،و التحرر من بادئ الرأي للوصول إلى الحقيقة النقية الخالصة. وقد اتخذ ديكارت نفس الموقف من الرأي كذلك.<br />إن تاريخ المعرفة الإنسانية، يؤكد لنا بجلاء كيف أن الرأي كان خلف عرقلة مسيرة الإنسانية نحو بلوغ الحقيقة،تارة بدعوى إفساد عقول الشباب، مثلما وقع لسقراط،أو بدعوى معارضة آراء الفقهاء كما حدث لابن رشد فيلسوف قرطبة،أوالمس بثوابت الكنيسة مثلما وقع لغاليلي الذي كان يردد بجرأة إصرار بأن الأرض تدور.<br /> <br /> 02 ــ معايير الحقيقة:على أي أساس تقاس صلاحية حقيقة معينة؟<br />الاتجاه العقلاني:ديكارت"سنقوم هنا بتعداد جميع الأفعال العقلية التي نتمكن بواسطتها من الوصول إلى حقيقة الأشياء دون خشية الوقوع الخطأ؛وهما اثنان فقط: الحدس والاستنباط"<br /><br /> أما سبينوزا فقد اعتبر أن الحقيقة معيار ذاتها" إن من لديه فكرة صحيحة يعلم في نفس الوقت، أن لديه فكرة صحيحة، ولا يمكنه أن يشك في صدق معرفته(...) فكما أن بانكشاف النور ينقشع الظلام، فالحقيقة أيضا إنما هي معيار ذاتها ومعيار للخطأ"<br /> إن لايبنتز ينتقد تصور ديكارت لمعيار الحقيقة والمتمثل في الوضوح والتميز،يقول"لقد سبق أن أشرت إلى ضعف القاعدة الشهيرة التي يتم اعتمادها في كل مناسبةــ وهي ألا نقبل سوى الأفكار الواضحة والمتميزة ــ إذا لم نحدد مؤشرات قوية لكلمتي[واضحة] و[متميزة]غير تلك التي أعطاها ديكارت.إن القواعد التي دافع عنها أرسطو وكذا علماء الهندسة أكثر أهمية من السابقة، مثال ذلك ألا نقبل أي شيء(بغض النظر عن المبادئ، أي الحقائق الأولية أو الفرضيات)، ما لم يكن مبرهنا عليها بشكل سليم"منطقيا أو رياضيا.<br /> الاتجاه التجريبي:إن معيار صدق الحقيقة هو مطابقة الفكر للواقع من حيث هو واقع حسي تجريبي،كما أن التجربة الحسية هي مصدر معارفنا. فلا وجود لحقائق عقلية قبلية كما اعتقد أرسطو و ديكارت.<br /> *الحقائق البسيطة تأتي إلى الدهن من الخارج عن طريق الحواس.<br /> * الحقائق المركبة ، حصيلة التركيب العقلي للحقائق البسيطة.<br /> <br /> الاتجاه النقدي:بعدما انتقد كانط كلا من الاتجاه العقلاني والاتجاه الحسي الاختباري وأبرز حدود كل منهما،اعتبر أن الحقيقة لا توجد لا في الواقع ولا في الفكر على نحو جاهز وقبلي، وإنما هي بناء وتشييد يساهم فيه الفكر والخبرة الحسية أيضا. ثم تساءل حول إمكانية وجود معيار كوني ومادي للحقيقة،فخلص إلى النتيجة التالية"من غير الممكن أن يوجد معيار مادي وكوني للحقيقة لأن هذا أمر متناقض في حد ذاته"لأن الموضوعات مختلفة من الناحية المادية، "وبالمقابل إذا كان الأمر يتعلق بمعايير صورية<br /> وكونية، فمن اليسر أن نقر بجواز ذلك، لأن الحقيقة الصورية تكمن<br /> في مطابقة المعرفة لذاتها،بغض النظر عن الموضوعات وعن أي<br /> اختلاف بينها"<br /> * الحقيقة المادية هي الحقيقة المرتبطة بكل موضوع مادي على حدة.<br /> *الحقيقة الصورية هي التي تستجيب للمعايير المنطقية والكونية التي تقوم على المطابقة بين المعرفة وذاتها. أي القوانين الكونية للفهم والعقل.<br /> <br />هيدغر:"فالحقيقي،سواء كان شيئا أوحكما،هو ما يتوافق ويتطابق.الحقيقي والحقيقة يعنيان هنا التوافق(التطابق)، وذلك بطريقة مزدوجة:أولا، كتطابق بين الشيء وما نتصوره عنه، ثم كتطابق بين ما يدل عليه الملفوظ وبين الشيء."<br /><br /><br />03 ــ الحقيقة بوصفها قيمة:أين تكمن قيمة الحقيقة؟<br /> يرى كانط أن الحقيقة قيمة أخلاقية وعملية،فإذا كان البرهان هو الشرط المعرفي والمنطقي لكونيتها فإن الحرية والنزاهة تظلان هما شرطيها الأخلاقي مهما كانت الظروف والملابسات.<br /> <br /> جيمس الحقيقة قيمة عملية.إن الاتجاه البراغماتي يربط قيمة الحقيقة بمدى اجرائيتها،من خلال العمل الذي تنجزه."علي أولا أن أذكركم بأن امتلاك أفكار صحيحة[صادقة] يعني على<br />وجه الدقة امتلاك أدوات ثمينة للعمل"<br /><br /> <br /> يرى نيتشه أن للحقيقة قيمة وجودية في خدمة الحياة."إن الإنسان لايبتغي الحقيقة سوى في معناها الضيق:إنه يطمع في العواقب الحميدة والممتعة أي تلك التي تحفظ الحياة. أما المعرفة الخالصة فهولا يكثرت بها، بل إنه مستعد لمعاداة الحقائق المؤذية الهدامة.<br /> فما الحقيقة إذن؟ إنها حشد متحرك من الاستعارات والكنايات والتشبيهات،و هي باختصار جملة من العلاقات البشرية التي تم تحويرها شعريا وبلاغيا، حتى غدت بعد طول استعمال تبدو لشعب من الشعوب دقيقة ومشروعة وذات سلطة قسرية.إلا أن الحقائق أوهام نسي الإنسان أنها كذلك"<br /> <br /> الحقيقة قيمة وجودية في خدمة المعنى والمعقولية، حسب إريك فايل، فالمعنى الفلسفي للحقيقة لا يتمثل في تطابق الفكر مع الواقع،وإنما في تطابق الإنسان مع الفكر. إن آخر الحقيقة ليس هو الخطأ، وإنما العنف، الذي يتجسد في رفض العقل والمعنى والتماسك(التعصب للرأي على حساب العقل).<br /><br /><br />قضايا فلسفية للبحث والمناقشة.:<br /> هل هناك إمكانية للحديث عن أحادية الحقيقة؟<br /> "الحقيقة سلطة ولا تخلو من سلطة"أوضح معنى هذا القول وبين أبعاده. *الحدس:إدراك عقلي بسيط ومباشر.<br /> *الاستنباط:عملية ذهنية غير مباشرة، ينتقل بها الفكر من حقائق أولى إلى حقائق جديدة.<br /><br /><br /> <br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /> </div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-91267811641205076222009-05-27T17:43:00.000-07:002009-05-27T17:44:25.120-07:00المعرفة الحقيقة<div dir="rtl" align="right"></div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-61393953622243665942009-05-27T17:31:00.000-07:002009-05-27T17:32:15.484-07:00الكتابة الإنشائية على ضوء نص فلسفي<div dir="rtl" align="right">الكتابة الفلسفية الإنشائية على ضوء نص فلسفي.<br /><br />يتوجب التعامل مع النص الفلسفي على أنه:<br /><br />1ــ خطاب يتضمن إشكالية فلسفية خفية أو ظاهرة.<br />2 ــ خطاب يتضمن حلولا / إجابات ( أطروحات) حول تلك الإشكالية.<br />3 ــ خطاب يتضمن تناصا صريحا أو ضمنيا ( حوار) مع نصوص أخرى.<br />4 ــ خطاب يتضمن بناء منطقيا يفضي إلى فكرة للتأكيد أو للتفنيد.<br /><br />كيف نقرأ النص الفلسفي على ضوء ما سبق؟<br /><br />1 ــ الكشف عن الفكرة الموجهة للنص (موضوع النص) وصياغتها بشكل مختصر.<br />2 ــ رصد البنية المفاهيمية للنص وضبط تمفصلاتها: تعارض؟ تماثل؟ اختلاف؟ نقد؟ ....<br />3 ــ إبراز إشكالية النص وصياغتها على شكل أسئلة متماسكة منطقيا ولغويا.<br />4 ــ استخراج أطروحة النص مرفقة ببنيتها الحجاجية والاستدلالية بأسلوب شخصي دون تكرار.<br />5 ــ استحضار الأطروحات المؤيد والمعارضة التي تتناول نفس الإشكال، لاستثمارها في المناقشة.<br /><br />كيف ننجز تصميما للموضوع؟<br /><br />** إن التصميم عبارة عن خطة عمل تتضمن أهم لحظات الموضوع بحيث يحضر فيها التدرج و النظام التطور و التماسك. إما على شكل كتابة منظمة، أو شكل كتابة دياليكتيكية (جدلية). لهذا يجب استعمال الروابط المنطقية واللغوية المناسبة.<br /><br />1ـ المقدمة والطرح الإشكالي: وظيفتها جلب انتباه القارىء وغالبا ما تنطلق من البديهي ( الحس المشترك) إلى المركب، كما تتضمن تحديدا لأهم المفاهيم وتمفصلاتها، وتصريحا بمسار الموضوع، تنتهي بطرح الإشكالية.<br /><br />2 ــ العرض: ( تحليل ومناقشة) يتم في البداية تقديم أطروحة النص بأسلوب شخصي دون تكرار أو تشويه للمضامين، مع شرحها بواسطة أمثلة أو استشهادات فلسفية. يتلو ذلك طرح سؤال للربط من أجل المناقشة.<br />تستلزم المناقشة خلق حاور بين أطروحة صاحب النص والأطروحات الأخرى لإبراز نقط التشابه أو الاختلاف وأحيانا التعارض. ( المقارنة).<br />لا يجوز أثناء التحليل و المناقشة تقديم أمثلة أواستشهادات دون شرح.<br />لا يجوز مناقشة صاحب النص من خلال قناعات أو آراء شخصية.<br /><br />3 ــ الخاتمة: إنها بمثابة تركيب لمسار التحليل و المناقشة وليست ملخصا للإنجاز، أثناءها يمكن الانفتاح على الرهانات الفلسفية للموضوع ( أخلاقية ــ فلسفية ــ ميتافيزيقية ــ سياسية...)<br /><br />*** لا تنسى أن تحليل ومناقشة النص الفلسفي يقتضي ممارسة التفكير الشخصي بعيدا عن عرض الآراء الخاصة، أو التكرار الآلي لمضمون الدرس، لهذا، عليك التوفر على ثقافة فلسفية وعدة منهجية.<br />وعدم التسرع في اختيار الموضوع، مع مراعاة التدبير الزمني للإنجاز. </div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-16151202722803800332009-05-27T17:27:00.001-07:002009-05-27T17:28:50.873-07:00المعرفة النظرية والتجربة.<div dir="rtl" align="right"> النظرية والتجربة.<br /><br />تقديم المفهوم:يبدو أن علاقة النظرية بالتجربة منذ نشأة المعرفة العلمية إلى اليوم علاقة جد وثيقة إلى حد لايمكن فصل أحد هذين الزوجين عن الآخر.<br />فقد أثبت تاريخ العلم بأن أي طريقة تجريبية أو عقلية أحادية الجانب تظل عاجزة الاحتفاظ بقيمتها، أي أننا أمام تأثير متبادل ،وحوار أبدي بين الفكر والواقع، لكنه تأثير خصب، يعكس الطابع المتقدم للمعرفة العلمية، كما أنه حوار يرقى فيه الفكر ليلقي بظلاله على التجربة، كل هذا يتخذ طابع نظريات علمية متتالية ينقح بعضها الآخر، وينفيه، أو يناقض الجديد منها القديم ويكمله، فالتجربة والنظرية يتبادلان النصح باستمرار، ويتكاملان بكيفية متبادلة، غير أن المبادرة تكون دائما للعقل. فما النظرية وما التجربة؟<br />يحيل لفظ النظرية في التحديد الاصطلاحي على ماهو فكري مجرد في مقابل ماهومادي واقعي و محسوس، ولهذا اتخذت النظرية كبناء مفاهيمي فرضي استنتاجي يتشكل من قوانين عامة تتعلق بظواهر مخصوصة يرتبط بعضها ببعض ارتباطا متسقا من خلال عمليات تنظيرية متكاملة الجوانب واقعيا،ومنهجيا،ومنطقيا.<br />ما التجربة؟<br />يقصد بالتجربة في الحقل التداولي مجموع المعارف.والخبرات.والمهارات التي يكتسبها الشخص في مجال معين. وفي المجال الفلسفي يرتبط مفهوم التجربة بالواقع المادي.وبالمعطيات الحسية. فمن منظور.الاتجاه التجريبي الاختباري مثلا بزعامة جون لوك يعتبر التجربة المصدر الوحيد لتحصيل المعرفة باعتبار أن العقل عبارة عن صفحة بيضاء ليس فيه إلا ماتنقله الحواس. في مقابل الاتجاه العقلاني بزعامة ديكارت الذي يقصي كل دور للتجربة في عملية المعرفة.غير أن مفهوم التجربة في الحقل العلمي والابستمولوجي سيتخذ دلالة مختلفة تنأى به عن ماهو مادي ومحسوس.لذلك يبدو التمييز بين التجربة والتجريب أمرا ضروريا.<br /><br /> الحقل الإشكالي للمفهوم:<br />يضعنا مفهوم النظرية والتجربة أمام سلسة من الإشكالات والمفارقات، تعكس طبيعة المعرفة العلمية وتطورها في علاقتها بالواقع، ويمكن التعبير عن بعض هذه الإشكالات بالتساؤلات التالية:<br />ما الفرق بين التجربة كمعطى حسي، وبين التجريب كمساءلة منهجية للطبيعة؟و ما دور كل من العقل والخيال في العلم؟ ألا يمكن الحديث عن تجربة ذهنية؟ ثم هل النظريات العلمية عبارة عن قوانين تجريبية لا تثبت صحتها إلا من خلال التحقق الاختباري والتجريبي؟ أم أنها أنساق عقلية وأبنية حرة لا تستمد صلاحيتها من الواقع، ولا مصادقة التجربة عليها، بل من التماسك المنطقي والاتساق بين المقدمات والنتائج؟ و ما الأسس التي تقوم عليها العقلانية الكلاسيكية والعقلانية العلمية المعاصرة؟ و أخيرا ما حدود النظريات العلمية ؟ وهل تقدم حقائق ثابتة مطلقة؟ أم مجرد معرفة نسبية مؤقتة؟<br /><br /> الوضعية المشكلة:( نص افتتاحي)<br />" إن النظريات العلمية مثلها مثل جبال الجليد في البحار القطبية، فيه جزء ضخم منغمر، ليس علميا. ولكنه ضروري للتطور العلمي، في هذا الجزء المنغمر، تقع النقطة العمياء في العلم الذي يعتقد أن النظرية العلمية هي انعكاس للواقع. إن ما هو علمي خاصيته أنه لا يعكس الواقع، بل يترجمه إلى نظريات متغيرة قابلة للتكذيب.<br />إن تاريخ المعرفة العلمية ليس تاريخ تراكم وتوسع، إنه أيضا تاريخ التحولات والقطائع والانتقال من نظرية إلى أخرى، فالنظريات العلمية فانية وهي علمية لأنها فانية... ولذلك فإن المعرفة العلمية تتقدم في مستواها التجريبي بمراكمة {الحقائق}، وفي مستواها النظري بإلغاء الأخطاء. إن حركة العلم ليست حركة في اتجاه امتلاك الحقيقة، إنها حركة تختلط فيها المعركة من أجل بلوغ الحقيقة مع الصراع ضد الخطأ"<br /> إدغار موران ــ علم مع وعي.<br /><br /> المحور الأول: التجربة والتجريب<br />يجمع العلماء على ضرورة التمييز بين التجربة الخام بما هي حصيلة ملاحظاتنا للظواهر وبين التجريب كخطوة منهجية أساسية في المنهاج العلمي، يبد و أن التجربة الخام لم تلعب أي دور في نشأة العلم الكلاسيكي سوى دور العائق. من هنا مناداة باشلار بضرورة انفصال النظرية العلمية بما هي إنشاء فكري نظري عن التجربة الحسية، والملاحظة العادية،لأن هذه المعرفة في نظره لاتنتج سوى بادئ الرأي(الحس المشترك)<br />وبادئ الرأي مخطئ من حيث المبدأ. انه يفكر تفكيرا سيئا.ويترجم الحاجات إلى معارف.<br />أما التجريب العلمي فهو الجزء التطبيقي و العملي للمنهاج التجريبي.كما دشنه فرنسيس بيكون و هو المنهاج الذي يتميز بخصائص أساسية أهمها الملاحظة والتجريب،ثم الطريقة الافتراضية الاستنباطية ،ثم الصياغة الرياضية لينتهي إلى صياغة القوانين العلمية.<br />إذا كان العالم ينطلق من ملاحظة واقعة معينة فان التجريب كما يعرفه كلود برنارد هو الانتقال من الملاحظة العادية إلى الملاحظة العلمية،عن طريق توفير الشروط اللازمة لدراسة الظاهرة مع الاستعانة بالأدوات والأجهزة التي تساعد على ذلك،إنه إنشاء للظاهرة مخبريا.ومساء لة منهجية للطبيعة من أجل إرغامها على الجواب إن علماء القرون الوسطى بالرغم من أنهم كانوا يقضون أوقاتهم في تعذيب الطبيعة كي تبوح لهم بأسرارها .فان الطبيعة لم تجبهم بشيء .لأنه كانت تنقصهم الروح التي تميز المنهاج العلمي الحديث، وهو التجريب، لذلك فالتحول الذي سيحدث بالفعل قطيعة بين الفيزياء الحديثة والفيزياء الكلاسيكية، هو اكتشاف جاليليو أهمية التجريب،إلى درجة أن سمى تلامذة جاليليو أكاديميتهم أكاديمية التجريب، فلا علم بدون تجريب، وأن الماء يصعد في المضخة لا لأن الطبيعة تخاف الفراغ ــ كما كان يعتقد من قبل ــ بل نتيجة ضغط الهواء عليه.<br />إذا كان الهدف من التجريب حسب التصور التقليدي هو التحقق من صدق وصحة فرضية ما،وإذا كانت الفرضية من إبداع العالم واقتراحه، ألا نكون بصدد تجربة ذهنية أو عملية فكرية؟ ما دور العقل والخيال في بناء النظرية العلمية؟ يقول كلود برنارد في هذا الصدد:<br />"ينبغي بالضرورة أن نقوم بالتجريب على فكرة متكونة من قبل، وينبغي على عقل صاحب التجريب أن يكون فعالا، أعني أنه يتعين عليه أن يستوجب الطبيعة، وأن يوجه إليها الأسئلة ليرغمها على الجواب"<br />إن الفرض هو مرحلة الإبداع في الاستدلال التجريبي، ذلك أن وضع الفروض من عمل الفكر يدخل فيها مايقال أنه حدس من جهة،وبحث طويل من جهة أخرى، فالإبداع من صنع الخيال، والمقصود بالخيال الخيال العلمي الرياضي ،لأن الطبيعة لا يمكنها الإجابة إلا على الأسئلة التي يطرح عليها في صيغة رياضية( أرقام ورموز، وأشكال هندسية) يكو ن فيها العلم مضطرا بأن يفسر بها الواقع باللاواقع، ما هو موجود بما ليس موجودا، هكذا تقترن التجربة بالعقل والخيال. لقد صرح كويري "بأن التجربة في مفهوم جاليليي وليدة خيال عجيب، وأن فكرة تحويل السقوط من سقوط حر في الطبيعة إلى السقوط على سطح مائل<br />(يصنع في المختبر) هي إحدى سمات العبقرية.." هكذا يلعب العقل والخيال دورا هاما إلى جانب المعطيات التجريبية،فمنذ القرن 19 ظهر اتجاه ابستمولوجي (وييل) في انجلترا وكلود برنارد في فرنسا، يؤكد دور العقل وقدرته على تفسير الظواهر وبيان أسبابها، ومع تطور العلم أصبح لايحرم البحث عن الأسباب والتساؤل عن طبيعة الظواهر وماهيتها، كالطاقة والكهرباء والضوء... بل هذه الأسئلة أصبحت مشروعة وضرورية لتقدم المعرفة العلمية، فلم تعد مهمة النظرية العلمية مهمة وصفية تقف عند حدود العلاقات بين الظواهر كما كان يدعو إلى ذلك الاتجاه الوضعي التجريبي.<br /><br />النص: " أعتقد أن واقعة تجريبية لايمكن أن تكون علمية إلا إذا استوفت شرطين:<br />1 ــ أن تكون قابلة لإعادة الصنع، وهذا يتطلب أن تكون محاضر إعداد التجربة وإجرائها دقيقة بما يكفي للتمكن في أزمنة وأمكنة أخرى من إعادة التجربة.<br />2 ــ أن تثير اهتماما.. قد يكون تطبيقيا عمليا (تكنولوجيا) أونظريا. يقوم الاهتمام التطبيقي في الاستجابة لحاجات بشرية، أما الاهتمام النظري، فإنه يعني أن البحث يدخل ضمن إشكالية علمية قائمة، وفي هذه الحالة يكون الهدف من التجريب، حسب التصور التقليدي هو التحقق من صدق أو صحة نظرية ما.<br /> من أين تأتي الفرضية؟لا وجود لفرضية دون وجود لشكل من أشكال النظرية، والنظرية تتضمن دائما كيانات خيالية يتم التسليم بوجودها، ويتعلق الأمر هنا بالعلاقات السببية التي تربط السبب بالنتيجة، والواقعة النظرية تهدف إلى إثبات أو تكذيب وجود كيانا نظرية مسلم بها أو متواجهة. لقد ذهب المؤسس التاريخي للمنهج التجريبي فرانسيس بيكون إلى الاعتقاد بأن استخدام التجريب يتيح وحدة التحليل السببي لظاهرة من الظواهر وهذا وهم ... إن التجريب وحده عاجز عن اكتشاف سبب أو أسباب ظاهرة ما، ففي جميع الأحوال ينبغي إكمال الواقعي بالخيالي، وهذه القفزة داخل الخيالي، هي أساسا عملية ذهنية، تجربة ذهنية، لا يمكن لأي جهاز آلي أن يعوضها... وبعبارة أخرى إن التجريب لايمكنه ليكون علميا وذا مغزى أن يستغني عن التفكير ، والتفكير عملية صعبة تفلت من كل رتابة ومن كل منهج" روني توم ــ فلسفة العلوم اليوم ــ جوتيه فيلار 1986 ــ ص129<br /><br />يطرح النص أهمية التجريب، وشروطه وحدود صلاحيته العلمية.<br />أفهم المجال الإشكالي للنص:<br />أصوغ إشكال النص من خلال أسئلة دقيقة، موظفا فيه المفاهيم الأساسية التي تنسج أطروحة النص.<br />أبني أطروحة النص من خلال :<br /> تحديد تصوره للعلاقة بين النظرية والتجريب، ودور كل منها<br /> في فهم الظواهر الطبيعية.<br /> أحلل أطروحة النص من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:<br /> *كيف يمكن تمييز واقعة تجريبية علمية عن غيرها من<br /> الوقائع؟<br />· ما وظيفة التجريب حسب النص وهل يعتبر وحده كافيا<br />لفهم وتفسير ظواهر الطبيعة؟<br />· يتحدث النص عن تجارب ذهنية إلى جانب التجارب المختبرية ، وضح ذلك؟<br />· أحلل وأناقش:<br />يطرح النص العلاقة بين التجريب والتفكير كشكل من أشكال النظرية، أوضح هذه العلاقة، وأناقش مدى أهمية العقل ودوره إلى جانب التجريب في فهم الوقائع العلمية وبناء النظرية الفيزيائية.<br /> <br />المحور الثاني: معايير النظريات العلمية:<br />إذا كانت التجربة هي بداية معرفة الواقع، ونهايته، فهل تقدم النظرية نموذجا عقليا للواقع يستمد صلاحيته من التجربة والتحقق الاختباري؟ أم إنها إنشاء عقلي حر يستمد صلاحيته من اتساقه المنطقي الداخلي،و ليس من مصادقة التجربة عليه؟ وهل يمكن الحديث في هذا المجال عن معايير أخرى لاختبار النظرية؟<br />تحتل الأطروحة الإختبارية التجريبية موقعا أساسيا في معالجة هذه الإشكالية على اعتبار أنها تقرن تصورها للنظرية العلمية بتصور فلسفي للواقع، يؤكد على نزعة اختبارية تقف عند المعطى الحسي. فالنظرية العلمية وفق هذا التصور تقدم صورة عن الواقع الذي تدرسه، ونماذج عقلية تعكس بنيته في قوانين علمية تتصف بالدقة والكلية ، تستمد صلاحيتها من التجربة، غير أن تطور العلوم بما رافقه من اكتشافات خاصة في مجال الميكروفيزياء، انطلاقا من نظرية " كوانطوم الطاقة" لماكس بلانك، و"نسبية اينشتاين" وغيرها...... فتح أمام العلم آفاقا جديدة و طرح مشاكل ابستمولوجية عويصة أجبرت العلماء على مراجعة المفاهيم العلمية، وإعادة النظر في تصوراتهم حول المادة،و الموضوع العلمي، وكذا طريقتهم في التفكير، انتهت إلى تجاوز المنهج التجريبي الكلاسيكي، ذلك أن جزئيات الذرة لا تقبل الملاحظة بالمجهر الإلكتروني، ولا يمكن التجريب عليها، وعلى حد تعبير غاستون باشلار:" إن الذرة مجمع رياضي لم يفصح لحد الآن عن سره" ومن ثم فإن الدور الأساسي أصبح يتمثل في استعمال الرياضيات، والمنهج الفرضي الإستنباطي، وهذا يؤدي إلى طرح المبدأ الأساسي في فلسفة الوضعيين التجريبيين ,هو مبدأ التحقق التجريبي،، فلم تعد التجربة بالمعنى الكلاسيكي (البيكوني) تشكل معيارا حاسما للحكم على فرضية ما، لقد اتخذت الظواهر الحسية صورة رموز رياضية ، فلم يعد الواقع العلمي ذلك المعطى المباشر الذي يمد العالم بمعلومات،لقد أصبح الواقع في مفهومه العلمي المعاصر،بنية، لا كائنات أو جواهر، إنه شبكة من العلاقات التي تنسجها الدوال والمعادلات الرياضية، لذلك أصبحت التجربة بعيدة عن المحسوس المشخص لتتخذ طابعا عقليا نظريا، فالمفاهيم الرياضية المجردة هي التي تقدم أطرا للتحقق والتجريب.<br />نتيجة لذلك ظهرت عقلانية جديدة، هي على حد تعبير غ. باشلار "عقلانية مفتوحة"، و ظهر معها مبدأ تعدد الاختبارات. وفي هذا الإطار اعتبر كارل بوبر أن التجربة الحاسمة لا توجد في العلم، وأن النظريات العلمية لا يشترط فيها أن تكون قابلة للاختبار اختبارا نهائيا، وإنما أن تكون قابلة للدحض والتكذيب بالتجربة،و إن هذه الطريقة تهدف إلى اختيار النسق الذي يبدو أصلح من أنساق أخرى، وذلك بتعريضها كلها لأقسى صراع من أجل البقاء، وفي نفس الاتجاه ، ومن موقع العقلانية المعاصرة، اعتبر اينشتاين بأن لا جدوى من التجربة في نسق الفيزياء النظرية، وأن العقل العلمي وحده يملك القدرة على فهم الواقع، غير أن مهندس النظرية النسبية لا يفك الارتباط بين النظرية والتجربة ، بل حدد لكل منهما موقعه، فالعقل العلمي يمنح النسق بنيته، أما معطيات التجربة فينبغي أن تكون مطابقة تماما لنتائج النظرية. غير أن ممثل المواضعاتية في فرنسا هنري بوانكاريه اعتبر بأن أساس تقدم العلم هو البحث عن اليسر والملاءمة، فهو المعيار الذي ينبغي أن يعتمده العالم في اختيار نظرياته وتفاسيره. فالنظرية لاتكون صحيحة أو خاطئة، بل ملائمة أو غير ملائمة، لأنه لا يمكن التأكد تماما منها بواسطة التجربة. إن النظريات العلمية في نظره مجرد مواضعات ووصفات علمية، يمكن الإستعاضة عن إحداها بالأخرى إن بدت لنا أكثر ملاءمة، وعلى هذا النحو تصبح للنظريات العلمية قيمة عملية (إجرائية) ومؤقتة، و لاتمثل حقائق ثابتة مطلقة بدليل بأنها تعدل وتغير باستمرار، وإن كان موقف بوانكاريه قد تعرض لنقد شديد من العقلانية المعاصرة...<br /><br />النص"تنطلق النزعة التجريبية والإختبارية من أن المعرفة تابعة للموضوع الواقعي، فالمعرفة هي صورة الموضوع الواقعي،ولوحة ينعكس عليها هذا الموضوع،فهي ترجع كل التصورات الفيزيائية إلى نسخ التقطت عن طريق الحواس لموضوعات الطبيعة.هذا على مستوى المعرفة، أما على مستوى النظر إلى المعرفة ترفع الإختبارية مبدأ قابلية التأكد كمعيار للتأكد من القضايا.وإذا كانت النزعة الإختبارية ترى في المعرفة العلمية استمرارا للمعرفة الحسية، فإن نقد العقلانية المعاصرة يتخذ صورة تمييز بين الموضوع الواقعي أو المعطى، وبين موضوع المعرفة العلمية من حيث هو ليس معطى،بل المعطى وقد أضيفت علية الصبغة النظرية فتحول إلى موضوع معرفة علمية...أي أن الانتقال من الموضوع الواقعي إلى موضوع المعرفة لايتم بشكل خطي متواصل ــ كما تدعي النزعة الإختبارية ــ بل بطفرة نظرا لوجود قطيعة ابستملوجية بين الاثنين تجعل كل منهما في استقلال عن الآخر، لأجل هذا ترفض العقلانية المعاصرة المزاعم التجريبية محاولة إعطاء العلم صورة لائقة ألا وهي الأكسيومية، ومعنى كون العلم أكسيوميا أنه غالبا ما ينطلق من تصوراته نفسها كي يصل إلى الأشياء، وإذا كنا لا نلاحظ هذه المسألة جلية في الفيزياء الكلاسيكية فإنها تظهر بصفة مكشوفة في الميكروفيزياء حيث جميع التجارب تقوم على مبادئ ونظريات أفرزتها المعرفة سلفا، وأضحت بمثابة شروط نظرية للتجربة، فهي تجربة مملاة سلفا من ضرورات نظرية وعقلية،وكونها مشروطة يعني أن طرائقنا وإجراءاتنا وأساليبنا في البحث هي التي تلعب الدور الأساسي والحاسم فيها، فهي إذن حاصل ممارستنا العلمية،وناشئة عن إجراءاتنا المتبعة في إيجادها والعثور عليها، ومعرفتها".<br /><br />الأسئلة:<br />أ ــ مستوى الفهم والتحليل:<br /> 1 ـ حدد الإشكال الذي يطرحه النص في صيغة إشكالية مبرزا طبيعة المفارقة التي يطرحها النص وبالاعتماد على مفاهيمه الأساسية.<br /> 2 ـ حدد ملامح الانتقاد الإبستمولوجي الذي وجهته العقلانية المعاصرة للرؤية التجريبية الإختبارية.<br /> 3 ـ ما هو تصور العقلانية المعاصرة للموضوع العلمي؟<br /> 4 ـ قارن بين مفهوم التجربة في التصور الكلاسيكي التجريبي، وتصور العقلانية العلمية المعاصرة.<br /> 5 ـ حدد دلالة المفاهيم التالية: الواقع ـ الموضوع العلمي ـ القطيعة الإبستملوجية ـ الطفرة<br />ب ــ سؤال المناقشة:<br /> هل يمكن الحديث عن تجربة بالمعنى الكلاسيكي في مجال الميكروفيزياء؟<br /> علل إجابتك.<br /><br /><br /><br />المحور الثالث: العقلانية المعاصرة.<br />سبقت الإشارة أنه بتأثير من التطورات التي عرفتها مختلف العلوم، وخاصة في مجال الميكروفيزياء، ظهرت عقلانية جديدة عملت على مراجعة أسس ومبادئ المعرفة العلمية، وتكسير أطر المعرفة الكلاسيكية التي سماها باشلار "بالعقلانية الديكارتية" التي أفرزت مفاهيم إبستمولوجية ديكارتية تقوم بالأساس على مفاهيم: البداهة والبساطة أو الوضوح الشيء الذي يخالف الممارسة العلمية المعقدة في الفيزياء المعاصرة،وقد امتد هذا النقد للعقلانية الكلاسيكية ليشمل مفهوم العقل، مما أدى إلى تمزيق الإطار النظري الذي كان يتحرك فيه العقل، ونسق المبادئ التي كان يتأسس عليها كمبدإ الهوية، ومبدأ عدم التناقض والثالث المرفوع،فبالرغم من أن فلسفة كانط اعتبرت بحق لونا عقلانيا أكثر انفتاحا عن باقي الألوان التقليدية، وبالرغم من تخليها عن فطرية المعرفة، وبرفضها لبعض اعتبارات النزعة العقلانية الديكارتية، إلا لم تخرج عن الأطروحة التقليدية للعقل بوصفه خزانا من الأفكار والمبادئ القبلية، وأنه بنية ثابتة، ومنظومة قواعد ومعايير تامة التكوين والإنجاز. إن العقلانية العلمية المعاصرة باستنادها إلى العلم أعادت النظر في هذا المفهوم الكلاسيكي للعقل،ونظرت إليه على أنه طاقة وفعالية، وراهنت على دوره وفاعليته في إنتاج المعرفة العلمية، فلم يعد العقل بنية ثابتة قبلية متعالية، أو أنه شيء جاهز اكتمل تكوينه،بل على أنه في طور التكوين،والنشأة، والتأسيس، إنها تقر بدينامية العقل الجدلية، وبحوار العقل والتجربة، إن العقل يراجع ذاته باستمرار، فهو في نقاش أزلي وصراع أبدي مع ذاته.إن التصور لا يصيب وبكيفية متآنية أطر العقل وبنيته، وفي هذا الإطار يقول باشلار:"إن العقل ليس شابا، إن عمره بقدر مشاريعه وفتوحاته.."غير أن العقلانية المعاصرة رغم انشدادها للعقل، وإيمانها بدوره وفاعليته في العلم فإنها لم تهمل العنصر التجريبي هكذا نجد غ. باشلار يقر بأن تقدم العلم يدفعنا إلى إعادة النظر في نزعتين كلاسيكيتين: النزعة العقلانية والنزعة التجريبية، ليخلص إلى أن العقلانية والتجربة مرتبطان في الفكر العلمي برباط غريب ومتين مثل الرباط الذي يجمع بين اللذة والألم، ففي انتصار إحداهما تبرير للأخرى، إن التجربة في حاجة لأن تفهم، والعقلانية في حاجة لأن تطبق... إن التجريبية بدون قوانين واضحة و متناسقة لايمكن أن تدرك،والعقلانية بدون حجج ملموسة وبدون تطبيق على الواقع المباشر لاتقنع تمام الإقناع ، إن التجريبية والعقلانية تكمل إحداهما الأخرى، وإن التفكير العلمي يعني أن نقف في الميدان الإبستملوجي بين النظرية والتطبيق، وهذا يعني أن المعرفة العلمية رغم ما حدث فيها من انقلابات وهزات، وبالرغم من أن الفيزياء المعاصرة أفرزت تصورا رياضيا لافيزيائيا للواقع ، فإن هذا لا يعني أن المعرفة العلمية معرفة صورية مجردة، إن المعرفة العلمية تهدف إلى تقديم صورة عن الواقع، والكشف عن العلاقات التي تربطك بين ظواهره في شكل نظريات علمية تتطور وتتجدد باستمرار، يقول إنشتاين" إن المفاهيم العلمية إبداعات حرة للعقل البشري، يحاول بواسطتها أن يقدم صورة عن الواقع، أقرب ما تكون من حققيقة ذلك الواقع، حقيقة يقترب منها العلم دون أن يتمكن من الإمساك بها كليا.." وإذا كان الواقع العلمي الجديد ــ على حد تعبير باشلارــ بنية لا أشياء وجواهر، فإن الفكر العلمي هو الآخر بنية تتشكل وتتطور من خلال الممارسات العلمية، وكل مقالة في الطريقة العلمية، ستكون دائما مقالة ظرفية، ومؤقتة ولن تصف بنية نهائية للفكر العلمي يقول باشلار:" إذا ماجزمنا بأن للمعرفة تاريخا، فإن الفكر يصبح ذاتية متغيرة،إن الفكر العلمي في جوهره تعديل للمعرفة، وتوسيع لأطرها، إنه يحكم ماضيه التاريخي ويلعنه، لذا فإن بنيته هي وعيه بأخطائه التاريخية، فالحقيقة بالمعنى العلمي، تعديل تاريخي لخطأ عمر طويلا"<br /><br />النص:<br />" لو أمكن أن نترجم فلسفيا الحركة المزدوجة التي توجد حاليا في التفكير العلمي، فإننا نلاحظ تعاقب القبلي والبعدي واجب، وأن التجريب والعقلانية مرتبطان في التفكير العلمي ، بواسطة رباط غريب أقوى من الذي يجمع بين اللذة والألم،وفعلا فإن أحدهما ينتصر بالتسليم للآخر: فالتجريب في حاجة لأن يفهم، والعقلانية في حاجة لأن تطبق، وأيضا فإن التجريب من غير قوانين واضحة ومنسجمة و غير استنتاجية لا يمكن أن يفكر فيه أو يعلم، كما أن العقلانية إذا لم تستند إلى حجج ملموسة، وإلى تطبيقات على الواقع المباشر لايمكن لها أن تقنع تماما، ويمكننا أن نبرهن على قيمة قانون تجريبي إذا ما جعلنا منه قاعدة للتفكير، ونعطي الشرعية لتفكير ما عندما نجعل منه قاعدة لتجربة، فالعلم الذي هو مجموعة حجج وتجارب ومجموعة قواعد وقوانين في حاجة إلى فلسفة مزدوجة القطب: العقلانية والتجربة، فالأولى متممة للثانية" باشلارــ فلسفة اللا ــ ص4<br /><br />أسئلة التحليل:<br />1ـ ما هي الأسس التي تقوم عليها العقلانية المعاصرة؟<br />2 ـ كيف يطرح النص العلاقة بين القبلي والبعدي، بين العقل والتجربة؟<br />3 ـ حدد أطروحة النص والحجج المؤسسة لها.<br />سؤال المناقشة:<br /> ناقش تصور النص لطبيعة التفكير العلمي وأسسه، على ضوء مواقف أخرى من نفس الإشكال.<br /><br />*موضوعات للبحث والتقويم:<br />ــ هل المعرفة العلمية استمرار للمعرفة الحسية؟<br />ــ يعتبر كلود برنارد التجربة ملاحظة ثانية وضح ذلك على ضوء الملامح الأساسية للمنهج التجريبي.<br />ــ "إن النظريات لاتكون حقا علمية إلا إذا كانت قابلة للخضوع لاختبارات تجريبية"<br />حلل هذا القول وناقش قيمته المعرفية مبرزا إلى أي حد تشكل التجربة معيارا حاسما لصدق وصحة النظرية العلمية.<br />ــ إذا كانت التجربة هي بداية كل معرفة متعلقة بالواقع فأي دور يبقى للعقل في العلم؟<br />ــ هل يمكن الحديث في ظل التطورات العلمية عن عقل ثابت لا متحول ؟ علل إجابتك.<br />ــ "إن العلم يبني موضوعاه، ويصنعها، فهو لا يجدها قائمة مكتملة قي التجربة".<br />اشرح هذا القول مبرزا دلالته في إطار العقلانية العلمية المعاصرة وتصورها للموضوع العلمي.<br />ــ هل الاكتشافات العلمية ترجع إلى فعالية المنهج الفرضي الاستنباطي أم إلى الاستقراء؟<br />ــ يقول إنشتاين" إن العلم يلزمنا بإبداع وخلق نظريات جديدة يكون الغرض منها هدم ركام التناقضات التي أصبحت تعيق الطريق أمام تقدم العلم، وجميع الأفكار الأساسية في العلم نشأت داخل هذا صراع مأساوي"<br />حلل هذه القولة، وناقشها مبرزا قيمة النظريات العلمية، وحدود صلاحيتها في ظل التطورات التي يعرفها تقدم المعرفة العلمية المعاصرة.<br /><br />**المراجع المعتمدة:<br />العقلانية المعاصرة بين النقد والحقيقة. سالم يفوت ــ دار الطليعة بيروت<br />مدخل إلى فلسفة العلوم .ع الجابري ج 2 دار النشر المغربية<br />كيف أرى العالم؟إنشتاين فلامريون1934 باريس<br />علم مع وعي إدغار موران ــ فايار1982</div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-53830815526309584312009-05-27T17:25:00.001-07:002009-05-27T17:25:49.937-07:00الأخلاق الواجب<div dir="rtl" align="right"><br />الواجب<br /><br />إن التجربة الأخلاقية تكشف مدى خضوع جل السلوكات الإنسانية لمجموعة من القيم والمبادئ التي توجه وتحدد مجمل التصرفات الإنسانية رغم أنها تتعارض أحيانا مع رغباتنا وإراداتنا ومصالحنا. فالواجب الأخلاقي يحضر في كل تصرفاتنا، ويشكل أساس كل القيم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية….ويضفي عليها طابع الضرورة والإلزام، كما أنه يعطي للفعل الإنساني معنى.<br /><br />فماذا نعني بالواجب الأخلاقي؟وما الذي يمنحه صفة الإلزام والإكراه؟ومن أين يستمد الواجب سلطته؟ ثم كيف يتم الوعي بهذا الواجب؟وأخيرا ما علاقته بالمجتمع؟<br /><br />01 ــ ما الواجب؟<br />يدل مفهوم الواجب على ما ينبغي القيام به مما يطرح مشكلة علاقته بكل من الإرادة والحرية والوعي.<br />يرى الفيلسوف الألماني كانط أن الواجب التـزام عقلي حر،نقوم به بدافع الإرادة الطيبة من جهة،وامتثالا لمقتضيات العقل الأخلاقي العملي(العقل المشرع) من جهة ثانية.إنه لا يخضع للميولات الذاتية ولا إلى المصالح الفردية،و لا إلىأية قوة خارجية.يقول كانط"إن التجربة الداخلية والشعور الأخلاقي لايتولدان إلا بواسطة صوت العقل الذي يخاطب كل شخص بكل وضوح، وعليه فإن كل إنسان يجد في عقله فكرة الواجب ويرتعب حينما يسمع صوته المدوّي كلما استيقظت فيه بعض الميولات والنوازع التي تدفعه إلى انتهاكه"<br />إن الواجب الأخلاقي حسب كانط أمر قطعي ومطلق وغير مشروط بأية ميول ورغبات أو نتائج نفعية عملية.<br />إن هذا التصور الكانطي للواجب الأخلاقي لقي نقدا شديدا من طرف فلاسفة آخرين حيث اعتبروه تصورا مثاليا ومجردا، فمن منظور سوسيولوجي وضعي اعتبر عالم الاجتماع الفرنسي إميل دوركايم بأن الصفة الأساسية للفعل الأخلاقي هو الإلزام والاستجابة لماهو مرغوب فيه،فلا يمكن غض الطرف عن نتائج الفعل الأخلاقي، يقول دوركايم"يتعين أن تكون الغاية الأخلاقية التي نسعى إليها مرغوبا فيها بجانب كونها إلزاما أخلاقيا.فالصفة الأولى للفعل الأخلاقي هي الإلزام لكن صفته الثانية الملازمة هي كونه محط رغبة"كما أن نيتشه بدوره انتقد التصور الكانطي للواجب الأخلاقي لأنه متعالي عن الشروط الواقعية للحياة إذ أن ما ليس ضروريا لحياتنا يهدد الحياة بالانهيار.<br /><br />02 ــ الوعي الأخلاقي:إذا كان القانون الأخلاقي حسب كانط هو الذي يضفي على الفعل الإنساني قيمة، فكيف يتم الوعي بالواجبات الأخلاقية؟وما مصدر هذا الوعي أهو العقل أم الغريزة أم المجتمع؟<br />لقد اعتبر التصور الفلسفي الكلاسيكي أن الوعي الذي يشكل ماهية الإنسان هو مصدر الفعل الأخلاقي، غير أنه ينبغي في هذا إطار التمييز بين الوعي بالمعنى الأخلاقي والوعي بالمعنى السيكولوجي. فالوعي بالمعنى السيكولوجي هو ذلك الحدس الذي بواسطته يعي الإنسان ذاته ويدرك العالم الخارجي،بينما يقصد بالوعي الأخلاقي قدرة الفكر على إصدار أحكام معيارية(قيمية) حول القيمة الأخلاقية لبعض الأفعال الفردية أو المجتمعية، ومن خلال هذا الوعي يشعر الإنسان بمسؤوليته اتجاه أفعاله وأفعال الغير، هذا الوعي بالمفهوم الأخلاقي هو مايطلق عليه بالضمير الأخلاقي .فما هو أصل هذا الوعي؟ وما مصدره؟<br />إذا كان كانط قد أرجع الوعي الأخلاقي إلى العقل، فإن الفيلسوف الفرنسي ج.ج.روسو اعتبره متجدرا في الطبيعة الإنسانية،أي أنه فطري وغريزي نحس به يقودنا تلقائيا إلى التمييز بين الخير والشر، غير أن التأكيد على فطرية الوعي الأخلاقي يتجاهل العوامل والشروط التاريخية والموضوعية التي ساهمت في انبثاق هذا الوعي وعملت على تطويره.وفي هذا السياق فسر الفيلسوف نيتشه نشأة الوعي الأخلاقي بعوامل تاريخية وتجارية كالعلاقة التجارية الأولى بين الدائن والمدين،مع ما رافقها من قوة وعنف وانتقام<br />أدت إلى تشكيل تصوراتنا عن الخير والشر والواجب والضمير، وبارتباط مع هذا التصور ترى المادية التاريخية(الاتجاه الماركسي)بأن النظريات الأخلاقية ليست ثابتة وخالدة تعلو عن التاريخ لأنها تعبر عن شروط الوجود المادية والاجتماعية للأفراد و لأنها الأداة الإيديولوجية لسيطرة طبقة الأغنياء على الفقراء وتبرير الهيمنة والاستغلال،وبالتالي فالاستلاب الأخلاقي لا ينفصل عن أشكال الاستلاب الأخرى، كما أن القيم الأخلاقية تتغير وتتطور بتطور البنيات الاجتماعية والاقتصادية ومستوى وعي الأفراد.<br />وفي سياق البحث والتنقيب عن أصل الوعي يرى عالم النفس فرويد من منظوره السيكولوجي أن الوعي الأخلاقي أو الضمير يشكل جزءا ضمن البنية النفسية للفرد والتي تعمل على الحفاظ على تكيفه واندماجه مع منظومة القيم السائدة في مجتمعه ،بحيث يجسد الضمير الأخلاقي منظومة النواهي والممنوعات الثقافية (الطابوهات) التي تحافظ على التوازن النفسي للشخص من جهة أولى والتماسك الاجتماعي من جهة أخرى.<br /><br />03 ــ الواجب والمجتمع.ما علاقة الضمير الأخلاقي الفردي بالمجتمع وبالضمير الجمعي؟<br />إن الأخلاق لا تنفصل عن العلاقات الاجتماعية داخل المجتمع، بل إنها توجد في قلب كل القيم الاجتماعية والأخلاقية والاقتصادية الأخرى لذلك يرى دوركايم من منظوره السوسيولوجي أن المجتمع هو أساس كل سلطة أخلاقية باعتباره كيانا يعلو على سلطة الأفراد،لأن كل فعل لا يقره المجتمع على أنه أخلاقي لا يكسب صاحبه التقدير والاحترام،فالمجتمع بواسطة التنشئة الاجتماعية يرسخ في وعي أفراده ما ينبغي القيام به من واجبات،وما يلزم الابتعاد عنه من نواهي.وهو الذي يمنح لقواعد السلوك صفة الإكراه المميزة للإلزام. فضميرنا الأخلاقي لم ينتج إلا عن المجتمع،ولا يعبر إلا عنه، وفي نفس الإطار يرى برغسون أن الأفراد يخضعون في سلوكاتهم لنظام المجتمع وسلطته بالرغم من أنه يظهر بأنه مؤلف من إرادات وحريات الأفراد، إنه في العمق نسق من الإكراهات التي يفرضها المجتمع إلا أنه يتوجب على الأفراد الانفتاح على الواجبات الكونية أي تلك التي ترتبط بالإنسانية جمعاء،من أجل تعزيز قيم السلم والتعايش، دون إغفال الواجبات تجاه أجيال المستقبل.</div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-49811920953357749882009-05-27T17:23:00.001-07:002009-05-27T17:23:49.277-07:00السياسة الحق والعدالة<div dir="rtl" align="right"><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 0cm 0pt; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: right"><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 20pt; mso-bidi-language: AR-MA"><?xml:namespace prefix = o ns = "urn:schemas-microsoft-com:office:office" /><o:p><span style="font-family:Times New Roman;"> </span></o:p></span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 20pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;"><span style="mso-spacerun: yes"> </span>الحق والعدالة<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">تمهيد وطرح إشكالي: يتحدد الحق باعتباره قيمة أخلاقية وعقلية،مما يجعله يتعارض مع ماهوواقع من جهة أولى، ويضفي عليه الطابع المعياري من جهة ثانية،بمعنى ما يجب أن يكون في مقابل ماهو كائن ،إنه يؤسس المشروعية السياسية للدولة المعاصرة ،أي لدولة الحق والقانون، كما يجسد العدالة كمثال أخلاقي كوني،وكأفق إنساني، وأخيرا إنه غاية وجودية يتطلع إليها الجميع بدرجات متفاوتة.<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">فما الحق؟وعلى أي أساس يقوم؟ومن أين يستمد مشروعيته؟<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">01 ــ دلالة مفهوم الحق:ما الحق؟وكيف يتمفصل مع العدالة؟<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">يدل مفهوم الحق في بعده الشخصي على القواعد العقلية والأخلاقية التي توجه تصرفات الإنسان في علاقته مع ذاته ومع الغير،من منظور ثنائية الخير والشر،والصواب والخطأ.أما من حيث الاصطلاح الفلسفي، فقد حدده أندري لالاند في معجمه الفلسفي كما يلي"إنه ما لايحيد عن قاعدة أخلاقية،يعني ما<span style="mso-spacerun: yes"> </span>هو مشروع وقانوني مقابل ماهو فعلى وواقعي"إن هذا التحديد يوسع من مفهوم الحق ليشمل المجال الاجتماعي والسياسي،غير أن ماهو قانوني ليس بالضرورة حقا مما يطرح مشكلة علاقة الحق بالعدالة.<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">نص الانطلاق:ما علاقة الحق بالعدالة؟ برودون ص162 رحاب.+<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;"><span style="mso-spacerun: yes"> </span>رغم اختلاف الفلاسفة في تحديد مفهوم العدالة،فإنه إجمالا يمكن اعتبارها فضيلة أخلاقية،ومساواة بين البشر كذوات عاقلة ،يقول برودون"القوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية"لذا لايمكن فصل العدالة عن مفهوم الحق،لأن هذا الأخير مستمد منها،كما لايمكن فصلها عن المساواة.<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">02 ــ الحق بين الطبيعي والوضعي:<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><span style="font-family:Times New Roman;"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA">على أي أساس يقوم الحق؟هل على القوة و الأمر الواقع؟أم على العقل و التعاقد؟</span></b><b><span dir="ltr" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><o:p></o:p></span></b></span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">يرى مجموعة من الفلاسفة والمفكرين أن حالة الطبيعة[المفترضة]،تميزت بما يمكن تسميته بحق القوة أو حق الطبيعة،أي تلك الحالة التي كان الإنسان يتمتع بها بحرية مطلقة في أن يتصرف كما يشاء، وفق قوته وقدراته،مما يؤدي إلى" حرب الكل ضد الكل"حسب توماس هوبز،وكان القانون السائد هو قانون البقاء للأقوى والأصلح،يقول سبينوزا في هذا الصدد"وعلى ذلك فإن الحق الطبيعي لكل إنسان يتحدد حسب الرغبة والقدرة،لاحسب العقل السليم"بمعنى أن الحق يتأسس على القوة والغريزة، وكأن الأمر يتعلق بالعالم الحيواني.غير أن هذه الحرب الشاملة،وانعدام الإستقرارهي التي دفعت بالإنسان إلى التفكير في حالة الأمن والسلم،والسعي للانتقال إلى حالة المدنية،والتنازل عن بعض حقوقه الطبيعية لصالح حاكم أوأمير، مقابل الحرية والأمن.<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;"><span style="mso-spacerun: yes"> </span>إلا أن ج.جاك.روسو اعتبر أن حالة الطبيعة كانت حالة سلم مطلق، غير أن ظهور الأسرة والعشيرة والملكية الفردية أدت إلى بروز صراعات أصبحت تهدد هذا السلم مما فرض على الإنسان الدخول في شراكة اجتماعية، أي في التعاقد من خلال[العقد الاجتماعي]المعبر عن الإرادة العامة المشتركة، مما سيضمن له حقوقه المدنية والسياسية. بذلك تحول الإنسان من الحق الطبيعي إلى الحق الوضعي أي الحق المبني على الاتفاق والمواضعة، والمؤسس على العقل والإرادة الحرة، وليس على الغريزة والرغبة.<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">03 ــ العدالة باعتبارها أساس الحق:<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">يرى سبينوزا أن العدالة تجسيد للحق وتحقيق له،"إنها استعداد دائم للفرد لأن يعطي كل ذي حق ما يستحقه طبقا للقانون المدني"بمعنى أنه يتوجب على الحاكم الممثل للدولة، التعامل مع المواطنين كلهم على قدم المساواة ويحافظ على حقوقهم. وفي نفس السياق يعتبرآلان أن هناك تطابقا تاما بين الحق والمساواة،وبالتالي لايمكن تصور الحق إلا في إطار المساواة التي لا تميز بين الأشخاص رغم اختلافهم على مستوى الجنس واللون والثروة يقول"ما الحق؟ إنه المساواة" بمعنى انه لايمكن الفصل بين مفاهيم الحق والعدالة والمساواة،يقول "لقد ابتكر الحق ضد اللامساواة.و القوانين العادلة هي التي يكون الجميع أمامها سواسية،سواء كانوا رجالا أو نساء أو أطفالا،أومرضى أوجهالا.أما أولئك الذين يقولون إن اللامساواة هي من طبيعة الأشياء،فهم يقولون قولا بئيسا"،وكأنه بذلك، يعارض القول الأفلاطوني"إمارة العدل أن يسود الأقوى من هو أقوى منه"،وفي نفس الوقت ينتقد الآراء الشائعة التي تروج<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">للنزعات العنصرية والطبقية،وتشرعن للامساواة بين الأفراد والجماعات.<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><o:p><span style="font-family:Times New Roman;"> </span></o:p></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">04 ــ العدالة بين المساواة والإنصاف:ألا تعتبر المساواة المطلقة ظلما؟<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><span style="font-family:Times New Roman;"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA">يرى الفيلسوف اليوناني أرسطو، أن العدالة والإنصاف متطابقان،إلاأن الإنصاف أفضل،باعتباره الشرط الأساسي لتصحيح ما يلحق العدالة من أخطاء أثناء التطبيق،أخطاء ناتجة عن عمومية قوانينها"إن الطبيعة الخاصة بالإنصاف تكمن بالضبط في تصحيح القانون،وتجاوز عدم كفايته بسبب عمومية خطابه"،فالعدالة التي لاتكيف القوانين ولا تأخذ بعين الاعتبار الحالات الخاصة كالمعاق،والمريض،والطفل.... تعد ظلما </span></b><span dir="ltr"></span><b><span dir="ltr" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span dir="ltr"></span>!!!</span></b><span dir="rtl"></span><b><span style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span dir="rtl"></span> <span lang="AR-MA"><o:p></o:p></span></span></b></span></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">إن الفيلسوف الأمريكي راولس بدوره، يرى بأن العدالة تقوم على قاعدة الإنصاف،الذي لا يضع عراقيل أمام الأشخاص المتفوقين والموهوبين لبلوغ المراتب العليا،شريطة احترام مبدأ تكافؤ الفرص، وفسح المجال للذين أقل منهم للاستفادة من نفس الحظوظ وبلوغ نفس المراتب.<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">تحليل نص ماكس شيلر: المساواة الجائرة"تقول ألأخلاقية الحديثة بأن جميع الناس متساوون أخلاقيا،وأن لأعمالهم،مهما اختلفت صورها وأشكالها،قيمة أخلاقية.فليس ثمة نعمة ولا مؤهلات،تختلف بحسب الأفراد أو السلالات أو الشعوب....إن مذهب المساواة المطلقة الحديثة تصدر بالتأكيد عن الكراهية والحقد.<o:p></o:p></span></span></b></p><p class="MsoNormal" dir="rtl" style="MARGIN: 0cm 24pt 0pt 0cm; DIRECTION: rtl; unicode-bidi: embed; TEXT-ALIGN: justify"><b><span lang="AR-MA" style="FONT-SIZE: 16pt; mso-bidi-language: AR-MA"><span style="font-family:Times New Roman;">يبدو واضحا أن هذه المساواة المنشودة ــ غير المضرة في الظاهرــ تتستر دائما عن الرغبة الوحيدة في خفض الأشخاص المعتبرين أكبر و أعظم من غيرهم،إلى مستوى الأشخاص الذين هم في أسفل دراجات السلم.ما من أحد ينشد المساواة حينما يشعر بأنه يمتلك قوة أو نعمة، تتيح له أن يتفوق.أما الذي يخشى الخسارة،فهو وحده الذي ينشد العدالة والمساواة العامة...إن المساواة بصفتها فكرة عقلانية لم تستطع أن تحرك إرادة أو رغبة أو عاطفة، ولكن وراء هذه المساواة المنشودة يتستر الحقد على القيم السامية"<o:p></o:p></span></span></b></p></div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-26986678481478007462009-05-27T17:17:00.001-07:002009-05-27T17:19:24.723-07:00السياسة الدولة<div dir="rtl" align="right"><br />ذ: الزغداني الدولة<br />تمهيد وطرح إشكالي:<br /> يتحدد الإنسان ككائن مدني و سياسي بالضرورة،لكونه على خلاف باقي الكائنات الحية الأخرى، يميل إلى العيش داخل مجتمع يسوده النظام، المبني على مبادئ وقيم العقل،لا على رغبات الشهوة و دوافع الغريزة، مما يضمن له الحفاظ على الحياة و الأمن والاستقرار.وقد شكلت الدولة أرقى مؤسسة سياسية عرفتها البشرية لحد الآن. وفي هذا الإطار يقول الفيلسوف اليوناني أرسطو:"إن الدولة من الأمور الطبيعية، وأن الإنسان بطبعه حيوان مدني" و المقصود بذلك أن الإنسان كذات واعية وكذات ناطقة، عمل على تجاوز حالة الطبيعة حيث هيمن حق القوة، و الانتقال إلى حالة المجتمع والمدنية حيث تسود قوة الحق.<br />فما الدولة؟وما الغاية من وجودها؟وما مدى مشروعيتها؟ثم ما طبيعة سلطتها السياسية؟<br />وأخيرا كيف تحتكر الدولة حق ممارسة العنف؟<br /><br /><br /> 01ــ دلالة مفهوم الدولة:ما الدولة؟<br /> تتحدد الدولة كبنية قانونية، تتمتع بمجموعة من السلطات التي تمارس من خلال عدة مؤسسات سياسية وإدارية، كما تتوفر على أجهزة زجرية (Répressif ) لحفظ الأمن وحماية النظام، وأجهزة إيديولوجية، وعسكرية أيضا. وتشكل السيادة souveraineté)) القاعدة الحقيقة للدولة، و تتجلى في امتلاكها السلطة الشرعية على جميع مواطنيها، واستقلالها عن سيطرة أية دولة أخرى.إن سلطة الدولة تمر عبر مؤسسات متعددة تمارس على الأفراد نوعا من "العنف المشروع".<br />يتضح لنا أن مفهوم الدولة ينطوي على مفارقة صميمية، تتمثل في كونها وسيلة لحماية وضمان الحريات من جهة أولى و أداة للهيمنة من جهة ثانية.<br /><br />مشروعية الدولة:من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟<br />من بين الأطروحات الفلسفية القديمة التي اهتمت بالبحث في أصل الدولة،هناك نظرية الحق الإلهي[الدولة التيوقراطية]، التي أرجعت أصل الدولة إلى الدين،معتبرة أن الحاكم بمثابة إله،أو ابن إله، كما هو الشأن لدى الفراعنة في مصر القديمة،أو أباطرة اليابان.وقد تغيرت هذه النظرية قليلا في العصور الوسطى، بحيث أصبح ينظر إلى سلطة الحاكم،وكأنها نابعة من تفويض إلهي....<br />غير أن فلاسفة العقد الاجتماعي في أوربا( هوبز ولوك وروسو...) تجاوزوا هذه النظرية<br />معتبرين أن الدولة تقوم بالأساس على عقد اجتماعي،يتخلى بمقتضاه الأفراد عن بعض حقوقهم الطبيعية لصالح حاكم أو جماعة، مقابل ضمان حقوق مدنية،وسياسية، تجنبهم مآسي "حرب الكل ضد الكل"وتضمن لهم الحرية والأمن. وقد كان كل من ماكيافيل و بودان هما أول من استعمل مصطلح الدولةEtat بمفهومه الحديث. <br /><br /><br />02 ــ غاية الدولة ومشروعيتها:<br />أـ مشروعية الدولة حسب جون لوك:يرى الفيلسوف الإنجليزي لوك أن مشروعية الدولة تتأسس على ضرورة حماية أمن الناس وسلامتهم وممتلكاتهم،يقول"يبدو لي أن الدولة جماعة من الناس تكونت لغرض وحيد هو المحافظة على خيراتهم المدنية وتنميتها" والمقصود بذلك أن مشروعية الدولة تنحصر في الجانب المادي ولا تتجاوزه إلى المستوى العقدي أو الروحي.يتبين لنا هنا بداية الفصل بين المشروعية الدينية والمشروعية السياسية(الدنيوية).<br />[أما] ب ــ مشروعية الدولة حسب سبينوزا:إن الغاية من تأسيس الدولة حسب سبينوزا هي تحرير الإنسان من العنف والخوف، لتجعل منه كائنا يتمتع بجميع قواه الطبيعية، الجسمية والفكرية. فهو يستخدم عقله بكل حرية، ويعيش في أمان، شريطة أن لا يتصرف ضد سلطتها حيث يقول"وعلى ذلك فإن كل من يسلك ضد مشيئة السلطة العليا يلحق بها الضرر" بمعنى ضرورة الامتثال لسلطة الدولة ولقراراتها،مع إمكانية الاعتراض والنقد،لكن بعيدا عن ممارسة العنف والخداع،مما يعني وجوب استعمال أسلوب الحوار والاحتكام إلى مبادئ العقل.<br />[بينما] ج ــ لامشروعية الدولة حسب كارل ماركس وانجلز: نظرية المادية التاريخية:لقد قاما هذان المفكران بانتقاد التصورات الفلسفية السابقة لكونها تزعم بأن قيام الدولة كان بدافع الإرادةالطيبةو يستهدف الخير الأسمى لجميع الأفراد، في حين أن نشأة الدولة كان حصيلة صراع طبقي بين الطبقة المهيمنة والأخرى المستضعفة، وليس لتفادي "حرب الكل ضد الكل"كما زعم هوبز، فالطبقة المهيمنة شيدت مؤسسة الدولة لترسيخ هيمنتها وإضفاء الشرعية القانونية عليها، يقول انجلز"إن الدولة ليست سلطة مفروضة من خارج المجتمع،كما أنها ليست تجسيدا للفكرة الأخلاقية،أو صورة مجسدة لواقعية العقل، كما يدعي هيجل، إنها بالأساس منتوج اجتماعي تبلور في خضم الصراع وتصاعد التناقضات داخل المجتمع"مما يدل أن الدولة ليست نظاما أو جهازا محايدا، وإنما أداة لإعادة إنتاج التراتبية الطبقية داخل المجتمع مواصلة الاستغلال الطبقي، عبر آليات اقتصادية وإيديولوجية .وبما أن الدولة وجدت من أجل استغلال طبقة من لدن أخرى فهي بالتالي غير مشروعة.<br />النص "ليست الدولة سلطة مفروضة على المجتمع من خارجه، كما أنها ليست " حقيقة الفكرة الأخلاقية " ولا " صورة العقل وحقيقته " كما زعم هيغل، وإنما هي، بالأحرى، نتاج المجتمع في طور معين من أطوار نموه. إنها شهادة على أن هذا المجتمع قد تورط مع نفسه في تناقض يتعذر حله، لأنه انقسم شيعا متنافرة عجز عن استبعادها. وحتى لا يفني التنازع الطبقات الاجتماعية ذات المصالح الاقتصادية المتعارضة - وفي ذلك فناء لها وللمجتمع ذاته - تحتمت الحاجة إلى وجود سلطة تكون - في الظاهر- فوق المجتمع، ويكون واجبها أن تلطف الصراع وتحصر مجاله في الحدود التي تحفظ " النظام ". وهذه السلطة، التي هي وليدة المجتمع، ولكنها تتخذ مرتبة أسمى من مرتبته وتغدو - تدريجيا- غريبة عنه ، هي الدولة" .<br />ولما كان ظهور الدولة ناشئا عن الحاجة إلى كبح التناقضات الطبقية، وكان هذا الظهور - قي الوقت ذاته - في خضم صراع الطبقات، فإن الدولة - عادة- هي دولة أقوى الطبقات، أي دولة الطبقة المهيمنة اقتصاديا، وهي الطبقة التي تغدو - بفضل الدولة- طبقة مسيطرة سياسيا أيضا، فتتوفر لها - على هذا النحو- وسائل جديدة تمكنها من قهر الطبقة المضطهدة واستغلالها... وهكذا فان الدولة لم توجد منذ البدء، فقد وجدت مجتمعات تدبرت أمرها بمعزل عن الدولة فلم تكوّن أي فكرة عنها ولا عن سلطة <a style="mso-comment-reference: MSOffice_1; mso-comment-date: 20080401T0920">الدولة</a><a language="JavaScript" class="msocomanchor" id="_anchor_1" onmouseover="msoCommentShow('_anchor_1','_com_1')" onmouseout="msoCommentHide('_com_1')" href="http://www.blogger.com/post-create.g?blogID=9115246769555743705#_msocom_1" name="_msoanchor_1">[MSOffice1]</a> . ولكن، في طور معين من أطوار النمو الاقتصادي المرتبط - ضرورة- بانقسام المجتمع إلى طبقات، صارت الدولة ضرورة حتمها هذا الانقسام ذاته.<br /> انجلز:" أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة"<br /><br />يتضح لنا أن هناك تعارضا في المواقف الفلسفية حول مشروعية الدولة،وهذا يعكس بجلاء<br /> الطابع التاريخي و المركب للمفهوم من جهة أولى، والارتباط الجدلي بين الإيديولوجي والسياسي والاجتماعي من جهة ثانية.<br /><br />03ــ طبيعة السلطة السياسية: يرى الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو أن النظام السياسي يجب أن يتميز بفصل السلط وإلا غدا استبداديا، يقول في هذا الإطار"عندما تجتمع السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في يد شخص واحد أو هيئة قضاء واحدة،فإنه لا يعود ثمة مكان للحرية،لأنه بإمكاننا أن نتخوف من قيام الملك أومجلس النواب بصياغة قوانين استبدادية"،لقد قدم لنا مونتسكيو نموذجا للسلطة السياسية الديمقراطية التي تقوم على مبدأ فصل السلط،و مبدأ الحرية.<br />وفي نفس الاتجاه يرى جون لوك أن على السلطة السياسية في الدولة أن تتسم بالتعاقد وضرورة خضوع الأقلية للأغلبية،لتصبح تلك الدولة دولة شرعية،يقول"يتوجب على كل امرئ أن يتقيد بقرار الأكثرية،لذلك نجد في المجالس التي خولتها القوانين الوضعية إصدار الأحكام،دون أن تحدد أعضاءها،أن قرار الأغلبية يعتبر قرار المجموع"،ويعد هذا بدوره نموذجا للسلطة السياسية الدموقراطية،رغم مايمكن أن يشوبه من هفوات،وما يترتب عنه من انزلاقات،ذلك أن معيار الأغلبية والأقلية ليس معيارا صائبا على الدوام[رأي الأغلبية مقابل رأي الأقلية] كما أن الديمقراطية الحقيقية عليها أن تحفظ حقوق الأقلية أيضا.<br />إجمالا يرى عالم الاجتماع الفرنسي المعاصر آلان تورين أن الديمقراطية تشكل نموذجا للسلطة السياسية التي تحترم حقوق الإنسان،كالحقوق الثقافية والمدنية والاجتماعية،وإنها النقيض لكل سلطة كليانية أو استبدادية،تنفرد باحتكار القرارات ومركزتها في سلطة واحدة.<br />إلا أن كل سلطة سياسية ــ مهما كانت ديمقراطية ــ فإنها تعمد إلى الحفاظ على نظامها السياسي ضد كل نشاط أو تمرد قد يهدد كيانها أو مكتسباتها،مما دفع كلا من آلتوسير وفوكو إلى الكشف عن آليات السلطة الخفية والمسكوت عنها داخل كل نظام سياسي والمتمثلة في الأجهزة الإيديولوجية، التي تشتغل بموازاة الأجهزة الأمنية والعسكرية على الحفاظ على النظام القائم.<br /><br />04 الدولة بين الحق والعنف:<br />لقد كشف المفكر الإيطالي مكيافيل على أن الصراع والعنف هما اللذان يطبعان السلطة السياسية،فكل الوسائل مشروعة بالنسبة للحاكم كي يحافظ على حكمه بما فيها استعمال القوة والعنف،يقول"على الأمير أن يعلم جيدا كيف يتصرف كالحيوان،عليه أن يقلد الثعلب والأسد في نفس الآن"بمعنى أن هذا المفكر قام بشرعنة العنف من منظور براغماتي فج، يحظى فيه استمرار النظام السياسي بالأولوية،إذ يعلو على حقوق الأفراد والجماعات.[مقارنة بين الحاكم الحكيم والحاكم الداهية]<br />لقد نحى نفس المنحى عالم الاجتماع الفرنسي ماكس فيبر،إذ اعتبر أنه من أسس قيام الدولة واستمرارها، احتكارها لممارسة العنف المشروع،إلا أنه نظر لما يمكن تسميته بالعنف المشروع الذي لا يتناقض مع مبادئ العقل والقانون، يقول"فلو وجدت بنيات اجتماعية لا تعرف العنف لاختفى مفهوم الدولة لما بقي إلا ما نطلق عليه الفوضى...<br />إن علاقة الدولة بالعنف في عصرنا هذا علاقة وثيقة وحميمية"،يتبين لنا أن فيبر قام بالتنظير للعنف المشروع،بينما قام مكيافيل بالدعوة إلى شرعنة العنف اللامشروع.<br /><br /><br /> النص: " إن دولة الحق لاتتمثل في الصورة القانونية المجردة فحسب،بل تتمثل غيما يتجسد بقوة في مجتمعاتنا،لأن القرن العشرين يبلور نجاحها ويعبر عنه.إن دولة الحق تؤدي إلى ممارسة معقلنة لسلطة الدولة،ممارسة تتشبث بالقانون وباحترام الحريات، كما تؤدي إلى تنظيم سياسي متوازن ينفتح على مجال الحريات العامة. لكن ماهي دولة الحق؟ها<br />إنها دولة فيها حق وفيها قانون يخضعان معا إلى مبدأ احترام الشخص، وهي صيغة قانونية تضمن الحريات الفردية وتتمسك بالكرامة الإنسانية، وذلك ضد كل أنواع العنف والقوة والتخويف.... إن سلطة دولة الحق تتخذ ملامح ثلاثة: القانون، والحق،وفصل السلط،وتضمن جميعها احترام الشخص وتسهر على تأسيس هذا الإحترم."ج. روس<br /><br />خلاصة تركيبية عامة:<br /> إن الدولة كمؤسسة سياسية كانت حصيلة سيروة تاريخية،شكلت قفزة نوعية نقلت الإنسان من وضعية اللانظام وحق القوة، إلى وضعية النظام وقوة الحق،إلا أنها كظاهرة اجتماعية نشأت في خضم الصراع، لا يمكنها أن تعبر مبدئيا إلا على إرادة و مصالح الفئة التي شيدت مؤسساتها وصاغت قوانينها [الطبقة المسيطرة] وبالتالي فإنها بالضرورة لن تعبر عن مجموع إرادات كل المواطنين ولن تكون محايدة ومستقلة،بل ستعكس بصورة أو بأخرى التناقضات والنزعات التي يعرفها المجتمع،كما ستشكل موضوع صراع وتنافس من أجل التحكم فيها. مما سيطرح مشكلة العدالة ودولة الحق،لقد قال شيشرون"لايوجد عبث أكبر من الاعتقاد بأن كل ماهو منظم بواسطة المؤسسات أوقوانين الشعوب عادل!!"<br /><a name="_msocom_1"></a><br /> <a class="msocomoff" href="http://www.blogger.com/post-create.g?blogID=9115246769555743705#_msoanchor_1">[MSOffice1]</a><br />بعض مجتمعات أمريكا اللاتينية</div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-67798640202001520002009-05-27T17:17:00.000-07:002009-05-27T17:18:34.918-07:00السياسة الدولة<div dir="rtl" align="right"><br />ذ: الزغداني الدولة<br />تمهيد وطرح إشكالي:<br /> يتحدد الإنسان ككائن مدني و سياسي بالضرورة،لكونه على خلاف باقي الكائنات الحية الأخرى، يميل إلى العيش داخل مجتمع يسوده النظام، المبني على مبادئ وقيم العقل،لا على رغبات الشهوة و دوافع الغريزة، مما يضمن له الحفاظ على الحياة و الأمن والاستقرار.وقد شكلت الدولة أرقى مؤسسة سياسية عرفتها البشرية لحد الآن. وفي هذا الإطار يقول الفيلسوف اليوناني أرسطو:"إن الدولة من الأمور الطبيعية، وأن الإنسان بطبعه حيوان مدني" و المقصود بذلك أن الإنسان كذات واعية وكذات ناطقة، عمل على تجاوز حالة الطبيعة حيث هيمن حق القوة، و الانتقال إلى حالة المجتمع والمدنية حيث تسود قوة الحق.<br />فما الدولة؟وما الغاية من وجودها؟وما مدى مشروعيتها؟ثم ما طبيعة سلطتها السياسية؟<br />وأخيرا كيف تحتكر الدولة حق ممارسة العنف؟<br /><br /><br /> 01ــ دلالة مفهوم الدولة:ما الدولة؟<br /> تتحدد الدولة كبنية قانونية، تتمتع بمجموعة من السلطات التي تمارس من خلال عدة مؤسسات سياسية وإدارية، كما تتوفر على أجهزة زجرية (Répressif ) لحفظ الأمن وحماية النظام، وأجهزة إيديولوجية، وعسكرية أيضا. وتشكل السيادة souveraineté)) القاعدة الحقيقة للدولة، و تتجلى في امتلاكها السلطة الشرعية على جميع مواطنيها، واستقلالها عن سيطرة أية دولة أخرى.إن سلطة الدولة تمر عبر مؤسسات متعددة تمارس على الأفراد نوعا من "العنف المشروع".<br />يتضح لنا أن مفهوم الدولة ينطوي على مفارقة صميمية، تتمثل في كونها وسيلة لحماية وضمان الحريات من جهة أولى و أداة للهيمنة من جهة ثانية.<br /><br />مشروعية الدولة:من أين تستمد الدولة مشروعيتها؟<br />من بين الأطروحات الفلسفية القديمة التي اهتمت بالبحث في أصل الدولة،هناك نظرية الحق الإلهي[الدولة التيوقراطية]، التي أرجعت أصل الدولة إلى الدين،معتبرة أن الحاكم بمثابة إله،أو ابن إله، كما هو الشأن لدى الفراعنة في مصر القديمة،أو أباطرة اليابان.وقد تغيرت هذه النظرية قليلا في العصور الوسطى، بحيث أصبح ينظر إلى سلطة الحاكم،وكأنها نابعة من تفويض إلهي....<br />غير أن فلاسفة العقد الاجتماعي في أوربا( هوبز ولوك وروسو...) تجاوزوا هذه النظرية<br />معتبرين أن الدولة تقوم بالأساس على عقد اجتماعي،يتخلى بمقتضاه الأفراد عن بعض حقوقهم الطبيعية لصالح حاكم أو جماعة، مقابل ضمان حقوق مدنية،وسياسية، تجنبهم مآسي "حرب الكل ضد الكل"وتضمن لهم الحرية والأمن. وقد كان كل من ماكيافيل و بودان هما أول من استعمل مصطلح الدولةEtat بمفهومه الحديث. <br /><br /><br />02 ــ غاية الدولة ومشروعيتها:<br />أـ مشروعية الدولة حسب جون لوك:يرى الفيلسوف الإنجليزي لوك أن مشروعية الدولة تتأسس على ضرورة حماية أمن الناس وسلامتهم وممتلكاتهم،يقول"يبدو لي أن الدولة جماعة من الناس تكونت لغرض وحيد هو المحافظة على خيراتهم المدنية وتنميتها" والمقصود بذلك أن مشروعية الدولة تنحصر في الجانب المادي ولا تتجاوزه إلى المستوى العقدي أو الروحي.يتبين لنا هنا بداية الفصل بين المشروعية الدينية والمشروعية السياسية(الدنيوية).<br />[أما] ب ــ مشروعية الدولة حسب سبينوزا:إن الغاية من تأسيس الدولة حسب سبينوزا هي تحرير الإنسان من العنف والخوف، لتجعل منه كائنا يتمتع بجميع قواه الطبيعية، الجسمية والفكرية. فهو يستخدم عقله بكل حرية، ويعيش في أمان، شريطة أن لا يتصرف ضد سلطتها حيث يقول"وعلى ذلك فإن كل من يسلك ضد مشيئة السلطة العليا يلحق بها الضرر" بمعنى ضرورة الامتثال لسلطة الدولة ولقراراتها،مع إمكانية الاعتراض والنقد،لكن بعيدا عن ممارسة العنف والخداع،مما يعني وجوب استعمال أسلوب الحوار والاحتكام إلى مبادئ العقل.<br />[بينما] ج ــ لامشروعية الدولة حسب كارل ماركس وانجلز: نظرية المادية التاريخية:لقد قاما هذان المفكران بانتقاد التصورات الفلسفية السابقة لكونها تزعم بأن قيام الدولة كان بدافع الإرادةالطيبةو يستهدف الخير الأسمى لجميع الأفراد، في حين أن نشأة الدولة كان حصيلة صراع طبقي بين الطبقة المهيمنة والأخرى المستضعفة، وليس لتفادي "حرب الكل ضد الكل"كما زعم هوبز، فالطبقة المهيمنة شيدت مؤسسة الدولة لترسيخ هيمنتها وإضفاء الشرعية القانونية عليها، يقول انجلز"إن الدولة ليست سلطة مفروضة من خارج المجتمع،كما أنها ليست تجسيدا للفكرة الأخلاقية،أو صورة مجسدة لواقعية العقل، كما يدعي هيجل، إنها بالأساس منتوج اجتماعي تبلور في خضم الصراع وتصاعد التناقضات داخل المجتمع"مما يدل أن الدولة ليست نظاما أو جهازا محايدا، وإنما أداة لإعادة إنتاج التراتبية الطبقية داخل المجتمع مواصلة الاستغلال الطبقي، عبر آليات اقتصادية وإيديولوجية .وبما أن الدولة وجدت من أجل استغلال طبقة من لدن أخرى فهي بالتالي غير مشروعة.<br />النص "ليست الدولة سلطة مفروضة على المجتمع من خارجه، كما أنها ليست " حقيقة الفكرة الأخلاقية " ولا " صورة العقل وحقيقته " كما زعم هيغل، وإنما هي، بالأحرى، نتاج المجتمع في طور معين من أطوار نموه. إنها شهادة على أن هذا المجتمع قد تورط مع نفسه في تناقض يتعذر حله، لأنه انقسم شيعا متنافرة عجز عن استبعادها. وحتى لا يفني التنازع الطبقات الاجتماعية ذات المصالح الاقتصادية المتعارضة - وفي ذلك فناء لها وللمجتمع ذاته - تحتمت الحاجة إلى وجود سلطة تكون - في الظاهر- فوق المجتمع، ويكون واجبها أن تلطف الصراع وتحصر مجاله في الحدود التي تحفظ " النظام ". وهذه السلطة، التي هي وليدة المجتمع، ولكنها تتخذ مرتبة أسمى من مرتبته وتغدو - تدريجيا- غريبة عنه ، هي الدولة" .<br />ولما كان ظهور الدولة ناشئا عن الحاجة إلى كبح التناقضات الطبقية، وكان هذا الظهور - قي الوقت ذاته - في خضم صراع الطبقات، فإن الدولة - عادة- هي دولة أقوى الطبقات، أي دولة الطبقة المهيمنة اقتصاديا، وهي الطبقة التي تغدو - بفضل الدولة- طبقة مسيطرة سياسيا أيضا، فتتوفر لها - على هذا النحو- وسائل جديدة تمكنها من قهر الطبقة المضطهدة واستغلالها... وهكذا فان الدولة لم توجد منذ البدء، فقد وجدت مجتمعات تدبرت أمرها بمعزل عن الدولة فلم تكوّن أي فكرة عنها ولا عن سلطة <a style="mso-comment-reference: MSOffice_1; mso-comment-date: 20080401T0920">الدولة</a><a language="JavaScript" class="msocomanchor" id="_anchor_1" onmouseover="msoCommentShow('_anchor_1','_com_1')" onmouseout="msoCommentHide('_com_1')" href="http://www.blogger.com/post-create.g?blogID=9115246769555743705#_msocom_1" name="_msoanchor_1">[MSOffice1]</a> . ولكن، في طور معين من أطوار النمو الاقتصادي المرتبط - ضرورة- بانقسام المجتمع إلى طبقات، صارت الدولة ضرورة حتمها هذا الانقسام ذاته.<br /> انجلز:" أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة"<br /><br />يتضح لنا أن هناك تعارضا في المواقف الفلسفية حول مشروعية الدولة،وهذا يعكس بجلاء<br /> الطابع التاريخي و المركب للمفهوم من جهة أولى، والارتباط الجدلي بين الإيديولوجي والسياسي والاجتماعي من جهة ثانية.<br /><br />03ــ طبيعة السلطة السياسية: يرى الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو أن النظام السياسي يجب أن يتميز بفصل السلط وإلا غدا استبداديا، يقول في هذا الإطار"عندما تجتمع السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية في يد شخص واحد أو هيئة قضاء واحدة،فإنه لا يعود ثمة مكان للحرية،لأنه بإمكاننا أن نتخوف من قيام الملك أومجلس النواب بصياغة قوانين استبدادية"،لقد قدم لنا مونتسكيو نموذجا للسلطة السياسية الديمقراطية التي تقوم على مبدأ فصل السلط،و مبدأ الحرية.<br />وفي نفس الاتجاه يرى جون لوك أن على السلطة السياسية في الدولة أن تتسم بالتعاقد وضرورة خضوع الأقلية للأغلبية،لتصبح تلك الدولة دولة شرعية،يقول"يتوجب على كل امرئ أن يتقيد بقرار الأكثرية،لذلك نجد في المجالس التي خولتها القوانين الوضعية إصدار الأحكام،دون أن تحدد أعضاءها،أن قرار الأغلبية يعتبر قرار المجموع"،ويعد هذا بدوره نموذجا للسلطة السياسية الدموقراطية،رغم مايمكن أن يشوبه من هفوات،وما يترتب عنه من انزلاقات،ذلك أن معيار الأغلبية والأقلية ليس معيارا صائبا على الدوام[رأي الأغلبية مقابل رأي الأقلية] كما أن الديمقراطية الحقيقية عليها أن تحفظ حقوق الأقلية أيضا.<br />إجمالا يرى عالم الاجتماع الفرنسي المعاصر آلان تورين أن الديمقراطية تشكل نموذجا للسلطة السياسية التي تحترم حقوق الإنسان،كالحقوق الثقافية والمدنية والاجتماعية،وإنها النقيض لكل سلطة كليانية أو استبدادية،تنفرد باحتكار القرارات ومركزتها في سلطة واحدة.<br />إلا أن كل سلطة سياسية ــ مهما كانت ديمقراطية ــ فإنها تعمد إلى الحفاظ على نظامها السياسي ضد كل نشاط أو تمرد قد يهدد كيانها أو مكتسباتها،مما دفع كلا من آلتوسير وفوكو إلى الكشف عن آليات السلطة الخفية والمسكوت عنها داخل كل نظام سياسي والمتمثلة في الأجهزة الإيديولوجية، التي تشتغل بموازاة الأجهزة الأمنية والعسكرية على الحفاظ على النظام القائم.<br /><br />04 الدولة بين الحق والعنف:<br />لقد كشف المفكر الإيطالي مكيافيل على أن الصراع والعنف هما اللذان يطبعان السلطة السياسية،فكل الوسائل مشروعة بالنسبة للحاكم كي يحافظ على حكمه بما فيها استعمال القوة والعنف،يقول"على الأمير أن يعلم جيدا كيف يتصرف كالحيوان،عليه أن يقلد الثعلب والأسد في نفس الآن"بمعنى أن هذا المفكر قام بشرعنة العنف من منظور براغماتي فج، يحظى فيه استمرار النظام السياسي بالأولوية،إذ يعلو على حقوق الأفراد والجماعات.[مقارنة بين الحاكم الحكيم والحاكم الداهية]<br />لقد نحى نفس المنحى عالم الاجتماع الفرنسي ماكس فيبر،إذ اعتبر أنه من أسس قيام الدولة واستمرارها، احتكارها لممارسة العنف المشروع،إلا أنه نظر لما يمكن تسميته بالعنف المشروع الذي لا يتناقض مع مبادئ العقل والقانون، يقول"فلو وجدت بنيات اجتماعية لا تعرف العنف لاختفى مفهوم الدولة لما بقي إلا ما نطلق عليه الفوضى...<br />إن علاقة الدولة بالعنف في عصرنا هذا علاقة وثيقة وحميمية"،يتبين لنا أن فيبر قام بالتنظير للعنف المشروع،بينما قام مكيافيل بالدعوة إلى شرعنة العنف اللامشروع.<br /><br /><br /> النص: " إن دولة الحق لاتتمثل في الصورة القانونية المجردة فحسب،بل تتمثل غيما يتجسد بقوة في مجتمعاتنا،لأن القرن العشرين يبلور نجاحها ويعبر عنه.إن دولة الحق تؤدي إلى ممارسة معقلنة لسلطة الدولة،ممارسة تتشبث بالقانون وباحترام الحريات، كما تؤدي إلى تنظيم سياسي متوازن ينفتح على مجال الحريات العامة. لكن ماهي دولة الحق؟ها<br />إنها دولة فيها حق وفيها قانون يخضعان معا إلى مبدأ احترام الشخص، وهي صيغة قانونية تضمن الحريات الفردية وتتمسك بالكرامة الإنسانية، وذلك ضد كل أنواع العنف والقوة والتخويف.... إن سلطة دولة الحق تتخذ ملامح ثلاثة: القانون، والحق،وفصل السلط،وتضمن جميعها احترام الشخص وتسهر على تأسيس هذا الإحترم."ج. روس<br /><br />خلاصة تركيبية عامة:<br /> إن الدولة كمؤسسة سياسية كانت حصيلة سيروة تاريخية،شكلت قفزة نوعية نقلت الإنسان من وضعية اللانظام وحق القوة، إلى وضعية النظام وقوة الحق،إلا أنها كظاهرة اجتماعية نشأت في خضم الصراع، لا يمكنها أن تعبر مبدئيا إلا على إرادة و مصالح الفئة التي شيدت مؤسساتها وصاغت قوانينها [الطبقة المسيطرة] وبالتالي فإنها بالضرورة لن تعبر عن مجموع إرادات كل المواطنين ولن تكون محايدة ومستقلة،بل ستعكس بصورة أو بأخرى التناقضات والنزعات التي يعرفها المجتمع،كما ستشكل موضوع صراع وتنافس من أجل التحكم فيها. مما سيطرح مشكلة العدالة ودولة الحق،لقد قال شيشرون"لايوجد عبث أكبر من الاعتقاد بأن كل ماهو منظم بواسطة المؤسسات أوقوانين الشعوب عادل!!"<br /><a name="_msocom_1"></a><br /> <a class="msocomoff" href="http://www.blogger.com/post-create.g?blogID=9115246769555743705#_msoanchor_1">[MSOffice1]</a><br />بعض مجتمعات أمريكا اللاتينية</div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-76483726446858692952008-12-16T13:20:00.000-08:002009-01-03T12:12:50.448-08:00Les paradoxes du désir<div dir="rtl" align="right">SUJET : Le désir est-il la marque de la misère de l’homme ?<br />Du besoin de boire un verre d’eau au désir de prendre une tasse de café, l’homme à toujours un manque à combler. De là, on remarque que besoin et désir sont souvent source de souffrance et de misère. Quelle distinction peut-on faire entre ces deux termes ?<br />D’abord, il me semble pertinent d’essayer de dissiper l’ambiguïté existant entre ces deux concepts. Si le besoin appartient au domaine physique et matériel, le désir quant à lui appartient au domaine de la représentation et de l’abstrait. Ainsi le fait de boire un verre d’eau procure à l’homme satisfaction et apaise sa soif, tandis que le fait de prendre un café tend à lui procurer une jouissance qui ne sera jamais réalisé, sinon partiellement.<br />Dans le Banquet, Platon a défini le désir comme un manque essentiel, une pénurie ; il écrit : « Étant le fils de Grands-Moyens et de Misère, voici la condition que le sort lui a imposé: D'abord, il crie toujours misère, et il s'en faut qu'il soit tendre et beau, comme on le croit généralement: il est dur, desséché, il va nu-pieds et n'a pas de maison; il couche par terre sans couvertures, en plein air, au seuil des fermes ou sur les routes: c'est qu'il a la nature de sa mère et que la misère ne le lâche pas.» Ainsi, fils d’une mendiante, son désir ne sera jamais satisfait et restera indéfiniment marque de misère de l’homme.<br />Après avoir établi cette distinction entre ces deux concepts, le problème philosophique que nous allons traiter est l’importance du désir dans la vie humaine. Quelle est sa nature intrinsèque ? N’est-ce pas prendre le risque d’être toujours misérable quand on ne cesse pas de désirer ? N’est-il pas sage de tirer le désir vers le bas pour garantir une satisfaction probable ? Ceci ne dévalorise-t-il pas le statut de l’homme qui, par essence, tend vers la perfectibilité ?<br />Le désir, par sa propre nature, est un mouvement qui aspire au-delà du besoin. Et c’est justement le fait de désirer un objet, ou autre chose qui définit l’homme et le caractérise en tant qu’être doué de conscience. Mais le désir a, comme on l’a décrit auparavant, un caractère précaire, éphémère et impossible à satisfaire : tel le désir d’acquérir une voiture, qui disparaît aussitôt celle-ci obtenue, et est remplacé par le désir d’un autre objet… L’odyssée du désir ne s’arrête jamais, par conséquent, ce dernier se transforme en une perpétuelle misère.<br />Face à cet affreux désir, Epicure (IIIème siècle av. J.C) édifie une sagesse qui consiste à maitriser nos désirs, à éviter l’excès, à écarter tous ceux qui ne sont ni naturels ni nécessaires pour trouver la paix et atteindre l’ataraxie, par exemple éviter le gout de la gloire et la recherche de la fortune etc…<br />Il s’agit alors de se résigner à tirer nos désirs vers le bas si on veut échapper à la misère.<br />Cependant cette démarche ne va –t-il porter atteinte à la valeur de l’homme qui consiste à travailler dur pour atteindre ses objectifs, et améliorer, par la suite sa condition humaine ? En effet, on peut concevoir le désir comme moteur de la vie, comme puissance spirituelle qui nous fait projeter vers un avenir meilleur, ainsi, un athlète qui désire monter sur le podium s’entraine jours et nuits, un fonctionnaire ambitieux qui désire réaliser ses rêves travaille avec acharnement pour arriver à ses fins, autrement l’homme va sombrer dans la paresse et passivité. En ce sens, les plus grandes réalisations de l’homme sont le fruit de la force du désir et de sa volonté, tels les grands chefs-d’œuvre artistiques ou les projets ambitieux…..<br />Toutefois, il ne s’agit pas de devenir esclave de ses propres désirs. Spinoza écrit : « Le désir est l’appétit avec conscience de lui-même ». De-là intervient la primauté de la raison dans la gestion et l’accomplissement de nos désirs. Sans elles, le désir devient désastreux, et source de misère pour l’homme qui n’en récolte que les déceptions et les frustrations à l’instar de celui qui désire l’impossible. Tout comme ils peuvent être source de joie et de gloire quand ils sont admirablement accomplis, à l’exemple de cet équipe de foot qui ne se limite pas à désirer la victoire, mais s’entraine continuellement et se prépare physiquement et psychologiquement afin de décrocher la victoire escomptée.<br />Malgré la souffrance que peuvent causer les désirs insatisfaits, l’homme ne peut pas s’abstenir à désirer, à espérer. Rousseau écrit : « Malheur à qui n’a rien à désirer ! ». Mais à condition que ses désirs soient raisonnables d’une part, et ne soient au détriment des désirs d’autrui d’autre part.</div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-13232236377733951712008-12-16T13:18:00.000-08:002008-12-16T13:20:03.369-08:00<div dir="rtl" align="right">مجزوءة الوضع البشري نص افتتاحي<br /><br />" هكذا نجد أنفسنا فجأة ــ في عالم ــ لنقل إنه مجموعة من الذوات الواعية ببعضها البعض. وفي هذا العالم يجد الإنسان نفسه،ولا بد أن يقرر ماهيته وماهية الآخرين.<br />وإذا كان من المستحيل أن نجد في كل إنسان ماهية عالمية يمكن أن نطلق عليها الطبيعة البشرية،فهذا لا يعني وجود ظروف عالمية للإنسان.وليس من قبيل الصدفة أن يتحدث المفكرون، اليوم عن ظروف الإنسان ووضعه، بدلا من التحدث عن طبيعته.<br />وهم يقصدون من هذه الظروف، أو من وضعه ذاك ، كل المحددات التي تحدد موقف الإنسان عموما في العالم.<br />وقد تتغير ظروفه أو أوضاعه التاريخية،فقد يولد عبدا في مجتمع بدائي، أويولد سيدا إقطاعيا، أو بروليتاريا، لكن ما لا يتغير أبدا هو ضرورة أن يوجد في العالم ، وضرورة أن يكدح، وضرورة أن يموت.<br />هذه الضرورات أو الحدود ليست ذاتية أو موضوعية، ولكنها ذاتية وموضوعية معا، فهي موضوعية لأننا نلقاها،و نصادفها في كل مكان،وهي ذاتية ، لأنها جزء من حياة الإنسان.وهي ليست شيئا إن لم يحبها الإنسان,إذا لم يحدد هو نفسه بحرية،ولم يحددوجوده بالنسبة لها."<br /> <br /> الوجودية مذهب إنساني ص74-48 ج.ب.سارتر<br /><br />ـــ قراءة النص عدة مرات.<br />ـــ الانتباه إلى البنية اللغوية والحجاجية.هكذا نجد أنفسنا فجأة في عالم ــ لنقل ــ وإذا كان فهذا لا يعني ــ<br />وقد وقد لكن ــ التكرار (ضرورة/ الذات)<br />ـــ الوقوف على البنية المفاهيمية.<br />التمييز بين مفهومي الذاتي والموضوعي<br />التمييز بين مفهومي الحدود والضرورات<br /> التمييز بين مفهومي الماهية والهوية.<br /> الماهية: الخصائص الجوهرية المميزة للنوع البشري عن باقي الكائنات الأخرى.<br /> الهوية : هي تطابق الذات مع نفسها في مختلف أحوالها :هو هو<br /><br />ـــ الكشف عن المشكل الفلسفي الذي يطرحه النص.<br /> أبعاد الوضع البشري ومدى حرية الإنسان اتجاهه.<br />ـــ صياغة مجموعة من التساؤلات لها علاقة بالهوية الذاتية والغير والحرية والقيمة.<br />ـــ توضيح أن الوضع البشري قضية استرعت اهتمام الفلسفة الحديثة والمعاصرة.<br /><br /><br /> </div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-68239249900227542382008-12-16T13:14:00.000-08:002008-12-16T13:18:12.927-08:00<div dir="rtl" align="right">مجزوءة الوضع البشري نص افتتاحي<br /><br />" هكذا نجد أنفسنا فجأة ــ في عالم ــ لنقل إنه مجموعة من الذوات الواعية ببعضها البعض. وفي هذا العالم يجد الإنسان نفسه،ولا بد أن يقرر ماهيته وماهية الآخرين.<br />وإذا كان من المستحيل أن نجد في كل إنسان ماهية عالمية يمكن أن نطلق عليها الطبيعة البشرية،فهذا لا يعني وجود ظروف عالمية للإنسان.وليس من قبيل الصدفة أن يتحدث المفكرون، اليوم عن ظروف الإنسان ووضعه، بدلا من التحدث عن طبيعته.<br />وهم يقصدون من هذه الظروف، أو من وضعه ذاك ، كل المحددات التي تحدد موقف الإنسان عموما في العالم.<br />وقد تتغير ظروفه أو أوضاعه التاريخية،فقد يولد عبدا في مجتمع بدائي، أويولد سيدا إقطاعيا، أو بروليتاريا، لكن ما لا يتغير أبدا هو ضرورة أن يوجد في العالم ، وضرورة أن يكدح، وضرورة أن يموت.<br />هذه الضرورات أو الحدود ليست ذاتية أو موضوعية، ولكنها ذاتية وموضوعية معا، فهي موضوعية لأننا نلقاها،و نصادفها في كل مكان،وهي ذاتية ، لأنها جزء من حياة الإنسان.وهي ليست شيئا إن لم يحبها الإنسان,إذا لم يحدد هو نفسه بحرية،ولم يحددوجوده بالنسبة لها."<br /> <br /> الوجودية مذهب إنساني ص74-48 ج.ب.سارتر<br /><br /><br /> </div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-35671922609653593392008-11-09T10:32:00.000-08:002008-11-09T11:06:45.357-08:00<div dir="rtl" align="right"> <br /><br /><br />الـغيـر<br /><br />التقديم:<br />لم يوجد الإنسان ليعيش وحيدا، إنه في حاجة دائمة إلى الآخرين ليس فقط من أجل التعاون والتضامن، ولكن من أجل تقاسم الشعور بالوجود أيضا، فكل أحكامه ومشاعره وأعماله ليست لها قيمة ومعنى في غياب مشاركة الغير أثناء لحظات الفرح أو لحظات الحزن... ومن ثمة تنشأ لديه في أول الأمر الحاجة الملحة للتواصل اعتقادا منه أن الغير يشكل الشبيه والمماثل(أنا آخر)،غير أن هذا الانطباع يصطدم أحيانا بمواقف و سلوكات إنسانية تثير الغرابة وتضع المماثلة المفترضة موضع تساؤل.حيث يكتشف الأنا أنه إذا كان الغير هوالمماثل فإنه في نفس الوقت هو المخالف، المغاير(الأنا الذي ليس أنا) خلال الإحساس بمشاعر الكراهية أو أثناء ممارسة العنف...<br />يتضح لنا أن بنية الآخر تتضمن تناقضا ومفارقة صميمية، مما يستدعي طرح إشكالية وجوده والتفكير في إمكانية معرفته،و التساؤل حول العلاقة المفترضة معه، ذلك أنه ليس بالمماثل تماما، وليس بالمخالف إطلاقا.<br />فما هو الغير الذي يشكل الذات و يواجهها؟ ولماذا ينطوي على مفارقات منطقية ووجودية؟ هل وجوده افتراضي فقط أم ضروري؟ وهل من الممكن بناء معرفة حوله؟ ثم ماهي طبيعة العلاقة الممكنة معه؟ وعلى ماذا تتأسس؟<br /><br />الوضعية المشكلة:<br />*الاشتغال على اللوحة بالتركيز على تقاطع النظرات+ مع افتراض نظرات أخرى ممكنة.<br />Deux têtes. crayon B, jons; Hamburger Museum <br />philosophie Hatier P 48 <br />* مقتطع من نص ميلاني كوندرا Les testaments ـ Milan Kundera<br />"ها أنا ذا أنظر من النافذة أمامي هناك. وها هو نور الغرفة يشتعل. يدخل رجل إلى الغرفة، رأسه منخفض وهو يجوب الغرفة جيئة وذهابا، وبين الفينة والأخرى، يمرر يده على شعره. ثم فجأة ينتبه إلى أن الغرفة مضاءة وإلى أن بالإمكان أن يراه أحد. وبحركة فجائية يقوم بسحب الستارة إلى الجهة الأخرى. ومع ذلك فهو ليس في حالة صناعة أوراق نقدية مزيفة، ذلك أن ليس لديه ما يخفيه باستثناء شخصه هو، وطريقته في المشي داخل الغرفة، وطريقته في اللباس التي لاتخلو من إهمال، وطريقة مداعبة شعره. إن سعادته وراحة باله مشروطة بحريته في ألا يكون مرئيا"<br />تحديد مفهوم الغير:<br />تتحدد دلالة الغير في الفهم الشائع، أوحسب الحس المشترك في: الآخر أو الآخرين الذين يختلفون عني اعتمادا على مقاييس الجنس أو اللون أو العرق أو أوالمكانة السوسيواقتصادية أو الحضارة و غيرها ....<br />فالمعرفة العامية تحدد الغير بالسلب:من ليس أنا أو من ليس نحن، كما لا تميز بين مفهومي الآخر والغير إذ<br />ترادف بين لفظتي الآخرAutre والغيرAutrui في حين أن لفظ الغير لا ينطبق إلا على عالم الإنسان ولا ينسحب على الأشياء الحيوان...<br />أما في معجم روبير ROBERTفإن الغير يتحدد بكونه "من ليس نفس الشخص " و " هم الآخرون من الناس بوجه عام"، يتضح لنا أن لفظ الغير مخالف للفظ الآخر، وأن هذا الأخير أوسع منه،كما أن الغير يقابل الهوية الفردية(الأنا) أو الهوية الجماعية(النحن).<br /><br />وجود الغير:السؤال المؤطر للمحور: هل وجود الغير افتراضي أم ضروري بالنسبة للأنا؟<br /><br /> بناء موقف نقدي رفقة التلاميذ من الأطروحة الديكارتية.<br /><br /> الانطلاق من التصور الديكارتي الذي يعتبر وجود الغير احتمالي مفترض بالمقارنة مع الوجود الحقيقي والبديهي للذات( أنا وحدي موجود le solipsisme .أما الغير فمفترض والذي يتأسس على الإنية"أنا")<br /><br />مقتطع من النص:ديكارت التأملات.<br />".. أنظر من النافدة فأشاهد بالمصادفة أناسا يسيرون في الشارع، فلا يفوتني أن أقول عند رؤيتهم إني أرى رجالا بعينهم ، مع أني لاأرى من النافدة غير قبعات ومعاطف قد تكون غطاء لآلات صناعية تحركها لوالب، لكني أحكم بأنهم أناس: فإذن أنا أدرك بمحض ما في ذهني من قوة الحكم ما كنت أحسب أني أراه بعيني" ←وجود الغير مفترض واحتمالي لن يتأكد إلا من خلال العودة إلى الذات والتأمل، فالأنا مفكر هو الضامن لوجود الغير.<br /><br />. وتأسيس الموقف الفلسفي من الغير ابتداء من هيجل: البينذاتية، وصراع وعي الأنا مع وعي الآخر، من أجل انتزاع الاعتراف بالأنا الذي بدونه لست موجودا كوعي:<br />« Sans Autrui, je ne suis rien, je n’existe pas. Je dépends de l’autre dans mon être. Car je ne suis une conscience de soi que si je me forge et me forme à travers la négation d’autrui » <br /> Nouvel abrégé de philosophie J.RUSS A.COLLIIN P25 <br /><br />نص ميرلوبونتي:<br /> " لقد شكلت مسألة وجود الغير صعوبة وإحراجا بالنسبة للفكر الموضوعي، فإذا كانت أحداث العالم ـ وفق ما قال به لاشوليي ـ عبارة عن نسيج من الخصائص العامة، وتوجد في مفترق العلاقات الوظيفية التي تسمح مبدئيا، بإمكانية تحليلها، وإذا كان الجسد يعتبر بمثابة جزء من العالم وبمثابة ذلك الموضوع الذي يحدثني عنه عالم البيولوجيا، وتلك السلسة من العمليات التي يمكن أن أجد لها تحليلا في كتب الفيزيولوجيا، وذلك الركام من الأعضاء الذي أجد وصفا تفصيليا له في لوحات علم التشريح، فإن تجربتي لن تكون آنذاك شيئا آخر عدا المواجهة مع وعي خالص، وكذا مع نسق الترابطات الموضوعية المفكر فيها. إن جسد الغير ـ مثلما هو الأمر بالنسبة لجسدي الخاص ـ ليس مأوى وإنما هو موضوع يوجد أمام وعي يفكر فيه أو يبنيه،فالناس مثلهم في ذلك مثلي كائنات امبريقية، فلسنا سوى آلات متحركة بواسطة نوابض، لأن الذات الحقيقية متفردة.<br />وهذا الوعي الذي سيختبئ وراء قطعة لحم نيئة هو أكثر الصفات الخفية غموضا، ولا يمكن لوعيي أن يلاقي وعيا آخر يكشف في العالم عن سريرة ظواهره الخفية التي أجهلها. هناك نوعان من الوجود ولا شيء غيرهما : الوجود في ذاته، ويخص الأشياء المنتشرة في المكان، والوجود لذاته ويخص الوعي. والغير سيكون أمامي باعتباره وجود في ذاته ومن أجل ذاته.وهذا سيتطلب مني القيام بعملية متناقضة من أجل إدراكه، إذ ينبغي علي أن أميزه عني، في الآن نفسه، أي أن أضعه في عالم الأشياء، وأن أفكر فيه كوعي، أي مثل كائن بدون خارج وبدون أجزاء. ولا يمكنني النفاد إليه إلا لكونه أنا. ولأن المفكر والمفكر فيه يختلطان داخل ذلك الغير، فلا مكان للغير ولتعددية الوعي في الفكر الموضوعي"<br /><br /><br /><br /><br />تحليل ومناقشة النص:<br />استخراج الفكرة الموجهة للنص(موضوع النص):<br /> * مشكلة وجود الغير بالنسبة للفكر الموضوعي.<br />إبراز أطروحة النص:<br /> * يميز صاحب النص بين نوعين من الوجود، الوجد لذاته والوجود<br /> من اجل ذاته، فالإنسان دون باقي الكائنات الأخرى يتمتع بوجود<br /> مزدوج: وجود لذاته مثل باقي الأشياء،ووجود لذاته لأنه وعي<br /> خالص إذ يرى أن الغير يتجلى لوعي الأنا كإنسان آخر يتمتع <br /> بالوعي ، وبالتالي لايمكن التعامل معه مثلما يتم التعامـل <br /> مع باقي معطيات الطبيعة، فهو ليس شيئا من بين الأشياء(جماد)، كما<br /> ليس عضوية حية فقط (جسد)، وإنما هو بالأساس ذات واعية <br /> متخفية داخل الجسد، مما يعيق كل تعامل موضوعي مجرد معه يذهب<br /> إلى حدود الفصل بين الذات والموضوع، يقول:" وهذا الوعي الذي<br /> سيختبئ داخل قطعة لحم نيئة هو أكثر الصفات الخفية غموضا،ولا<br /> يمكن لوعيي أن يلاقي وعيا آخر يكشف في العالم عن سريرة ظواهره<br /> الخاصة التي أجهلها"، بمعنى أن الغير يبقى لغزا مغلقا أمام الفكر <br /> الموضوعي، وبالتالي لايمكن إدراكه إلا كمماثل (كأنا).<br /><br />بناء الإشكالية:<br /> ما طبيعة وجود الغير حسب صاحب النص؟ وكيف يجب التعامل معه؟<br /> وإلى أي حد يمكن إدراكه موضوعيا؟<br /><br /><br />البنية المفاهيمية: الأنا≠ الغير، وفي نفس الوقت ═ الأنا ؟؟؟( مفارقة)<br /> الغير يتوفر على وجود مزدوج ← { وجود في ذاته}<br /> ← { وجود لذاته}<br /> الذاتي ≠ الموضوعي.<br /><br />أطروحات مدعمة أو معارضة:<br />يقول ج.ب. سارتر ”إن الغير هو الآخر الذي ليس إياي، فنحن نرى هنا إذن أن السلب بنية مكونة لبنية الغير... فالغير هو من ليس إياي و هو من لست أنا إياه“ الوجود والعدم.<br />← وجود منفصل عن الأنا إذ يتجلى كموضوع خارجي.<br />لكنه أيضا:<br /> ”هو الوسيط الذي لاغنى عنه بيني أنا وبين نفسي“ سارتر الوجود والعدم.← ضرورة الغير لإدراك وجود الأنا.<br />إنجاز تركيب جزئي من طرف التلاميذ بمساعدة المدرس حول محور وجود الغير: الكتابة المنظمة. ...............................................................................<br />ـ تغذية راجعة للمضامين المعرفية.<br />ـ تنظيم المادة المعرفية.<br />ـ الاهتمام بالجوانب الشكلية.(الإملاء والتعبير ـ التماسك بين الوحدات لغويا ومنطقيا)<br />ـ الاهتمام بالكتابة الإنشائية الفلسفية: ( المفاهيم / الحجاج / المناظرة..)<br /><br />معرفة الغير: التقابلات الفلسفية:معرفة الغير بين الإمكان والاستحالة.<br /> معرفة الغير بين الذاتية والموضوعية.<br /> معرفة الغير بين الاختلاف والمماثلة.<br /> السؤال المؤطر:<br /> هل معرفة ممكنة أم مستحيلة؟ وعلى أي أساس تقوم هذه المعرفة؟<br /> قولة+نص+مقتطع<br /><br />يقول الفيلسوف الفرنسي ج.ب.سارتر "إن الآخر بالنسبة لي هو ماأبدو له كشيء" CHOSE / OBJET<br /><br />نص ميرلوبونتي:ص126أنا أفكرـ تونس( الآخر والتواصل)<br />« إما أنا أو الآخر، علينا أن نختار بينهما، هكذا قيل. غير أننا نختار الواحد ضد الآخر، ونؤكد حينئذ النزاع. فيحولني الآخر إلى موضوع ثم ينفيني، وأنا بدوري أحول الآخر إلى موضوع ثم أنفيه، هكذا قيل.لكن نظرة الآخر لاتحولني في حقيقــة الأمر إلى موضوع، كما أن نظرتي لا تحول الآخر إلى موضوع إلا إذا انسحب كل منا إلى داخل طبيعته المفكرة وأضحى كل منا نظرة لاإنسانية بالنسبة إلى الآخر، إلا إذا أحس كل منا بأفعاله، لا من حيث أنه يستعيدها ويفهمها، بل من حيث يلاحظها كما لو كانت أفعال حشرة.<br />غير أن هذا الإحساس بوطأة موضعة كل منا بفعل نظرة الآخر، هذا الإحساس لا يصبح ممكنا في هذه الحالة إلا لأنه يحل بدل تواصل ممكن. إن نظرة كلب إلي لاتحرجني البتة. فرفض التواصل هو كذلك ضرب من التواصل إنها الحرية التي تتخذ شتــــى الأشكال، والطبيعة المفكرة، وهوية الشخص التي لايشاركه فيها أحد، والوجود الذي لاقيمة له ولا معنى، كل هذا يرسم لدي ولدى الآخر حدود كل تعاطف، ويعلق التواصل فعلا ، لكن دون أن يقضي عليه. "<br /> <br /><br /> ـ مقتطع من نص لقاء الإنسان بالإنسان بول ريكور. ص 236أنا أفكر تونس.<br />" أجل إن الإنسان غريب بالنسبة إلى الإنسان لكنه أيضا شبيهه على الدوام فعندما نحل ببلد غيب عنا تماما كما حدث لي ذلك منذ سنوات في الصين فإننا رغم إحساسنا بأقصى درجات الغربة نشعر بأننا لم نخرج البتة عن دائرة النوع البشري"<br /><br />*القولة:صعوبة معرفة الغير نتيجة التشييء المتبادل بين الأنا والغير.<br />*النص الأول ينتقد المقاربة الموضوعية للغير كموضوع مختلف عن الأنا ومستقل عنها،ويقترح عملية التواصل كمدخل لمعرفة الغير.<br />*المقتطع يرى إمكانية معرفة الغير رغم اختلافه لأنه يشارك الأنا في الإنسانية.<br />إنجاز تركيب جزئي بمشاركة التلاميذ. التدريب على الكتابة الفلسفية المنظمة...................<br /><br />العلاقة مع الغير:التقابلات الفلسفية التي يثيرها هذا المحور هي:<br /> العلاقة مع الغير بين التمركز الذاتي والغيرية.<br /> العلاقة مع الغير بين الصداقة والصراع.<br /> <br /> السؤال المؤطر للمحور: ما طبيعة العلاقة مع الغير؟ وعلى ماذا تتأسس؟<br /><br />النص: العلاقة مع الغير هي دائما علاقة صراع.ص41 ألكسندر كوجيف. مباهج الفلسفة.<br />"إذا كان الناس جميعهم ــ أو على الأصح إذا كانت جميع الكائنات التي هي في طريقها لأن تصبح كائنات بشرية ــ تنهج نفس السلوك، فإن الصراع ينبغي أن يؤدي بالضرورة إلى موت أحد الخصمين أو هما معا. فمن المستحيل أن يتنازل أحدهما عن نفسه للآخر، أو يتخلى عن الصراع قبل موت الآخر، أو أن يعترف بالآخر بدل أن ينال اعترافه. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فإن تحقيق الواقع البشري وظهوره سيصبح أمرا متعذرا...<br />لكي يتشكل الوضع البشري كواقع معترف به، ينبغي أن يبقى الخصمان على قيد الحياة بعد صراعهما، فيصبح أحدهما سيدا بينما الآخر يصير عبدا" بتصرف<br /><br />يقدم هذا النص نموذجا للعلاقة السلبية مع الغير( الصراع ــ الهيمنة والسيادة ــ إثبات الذات على حساب الغير..) ويمكن توظيف مقتطع من نص النزعات العدوانية في الإنسان : فرويد لتدعيم هذا التصور.<br />" فالإنسان بالفعل، ينزع إلى تلبية حاجته العدوانية على حساب الآخر،وإلى استغلال عمله بدون تعويضه عنه،و إلى استغلاله جنسيا بدون رضاه، وإلى الاستحواذ على ممتلكاته و إهانته،و وإلى إنزال الآلام به واضطهاده وقتله."<br /> فرويد .الكتاب المدرسي الفلسفة والفكر الإسلامي. السنة الثانية علمي السنة 1995<br /><br />مناقشة الأطروحات السابقة:<br /><br />" ليس الغريب ــ الذي هو اسم مستعار للحقد وللآخر ــ هو ذلك الدخيل المسؤول عن شرور المدينة كلها...ولا ذلك العدو الذي يتعين القضاء عليه للإعادة السلم إلى الجماعة. إن الغريب يسكننا على نحو غريب. إنه القوة الخفية لهويتنا، والفضاء الذي ينسف بيتنا، والزمان الذي يتبدد فيه وفاقنا وتعاطفنا. ونحن إذ نتعرف على الغريب فينا، نوفر على أنفسنا أن نبغضه في ذاته.إن الغريب بوصفه عرضا دالا يجعل ال"نحن" إشكاليا وربما مستحيلا، يبدأ عندما ينشأ لدي الوعي باختلافي،وينتهي عندما نتعرف على أنفسنا جميعا، وندرك أننا غرباء متمردون على الروابط والجماعات..."<br />نص جوليا كريستيفا.ص63 منار الفلسفة مسلك الآداب والعلوم الإنسانية.</div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com2tag:blogger.com,1999:blog-9115246769555743705.post-29810340633495542112008-11-01T05:30:00.000-07:002008-11-01T05:40:45.492-07:00<div dir="rtl" align="right">ذ.الزغداني<br /><br />الدرس الأول ـــ الفصل: الثانية ثانوي تأهيلي علمي<br /><br />مجزوءة الوضع البشري<br /><br />الشخص<br /><br /><br />لقد شكلت المعالجة الفلسفية لموضوع الوضع البشري، أحد اهتمامات الفلسفة الحديثة والمعاصرة، لما يتميز به هذا الوضع من تعقيد وغنى، إذ إنه وضع تتحكم فيه ضرورات وجودية ،كضرورة وجود الأنا في المكان(هنا)، وضرورة حضورها في الزمان(التاريخ) واستحالة وجودها بمعزل عن البينذاتية( الوجود مع الغير). كما أن الأنا أو الشخص يخضع لعدة محددات قبلية تشرط وجوده،كالمحددات السوسيوثقافية والسياسية وغيرها.<br />يمكن تقسيم الوضع البشري إلى بعدين: بعد ذاتي تعمل فيه الذات الإنسانية على مساءلة ذاتها ومحاولة تمثلها،وبعد موضوعي وعلائقي، تتأمل فيه الذات الإنسانية علاقتها مع الغير والعالم. ومن ثمة حول الفلاسفة الوضع البشري من معطى واقعي ، ومعيش يومي إلى قضية فلسفية إذ تساءل الفلاسفة حول هوية الشخص، وقيمته، ومدى حريته واستقلاله اتجاه أوضاعه وعلاقته مع العالم ومع الغير.........<br />ويعتبر التساؤل حول مفهوم الشخص من بين أهم الإشكالات التي اشتغل عليها الفلاسفة في إطار الوضع البشري.<br />فبماذا يتميز الوضع البشري؟ وما دلالة الشخص من الناحية الفلسفية؟ وهل تغير الأوضاع والأحوال يؤثر على هوية الشخص؟ وأين تتجلى قيمته ؟ وإلى أي حد يعتبر الشخص ذاتا مستقلة و حرة؟<br /><br /><br />يتحدد الوضع البشري بطابع الإكراه الذي يتجسد في الضرورات والمحددات أو الشروط القبلية التي تحاصر الأنا من جهة أولى،ويشكل موضوع مساءلة وتأمل،بل، وتباعد وتجاوز، من جهة ثانية. إنه وضع إشكالي، يدفع في اتجاه التأمل و والتفكير في أفق الفهم، والبحث في إمكانية التحرر و التجاوز.فالطبيعة الإنسانية(الماهية) هي التي أهلت الأنا للتفكير،والسعي لتجاوز الوضع البشري.<br /><br />يدل مفهوم الشخص حسب اللفظ اللاتيني Persona على معنى القناع الذي يحمله الممثل أثناء قيامه بالدور على خشبة المسرح. فكيف يكون الشخص هو ما يظهر ويتجلى و في نفس الوقت هو ما يتنكر أو يتوارى؟ أليس الشخص مجرد أنا متخف وراء قناع؟ مما يطرح مسألة الهوية الشخصية. يرى الفيلسوف الإنجليزي ج.لوك أن الشخص ذاتا إنسانية واعية،وفي نفس الآن قادرة على تعقل وتأمل ذاتها أيضا،مما يجعل الشخص يحتل مرتبة أسمى من مجرد الإنسان.<br />ورغم صعوبة تحديد مفهوم الشخص، فإننا سنقترح التحديد الأولي التالي:<br />إن الشخص هو مجموع السمات المميزة للفرد كذات واعية متفردة،قادرة على تعقل نفسها و تمتلك هوية خاصة.إن الشخص ذات أخلاقية moral وحقوقية أيضا juridique، كما أنه يعيش في وسط اجتماعي مما يضفي عليه بعدا علائقيا.<br /><br /><br />01 ــ الشخص والهوية:مادلالة مفهوم الهوية فلسفيا؟ وإلى أي حد يمكننا الحديث عن هوية ثابتة قارة للشخص؟ وهل باستطاعة الشخص أن يدرك هويته بمعزل عن الغير؟<br />ثم هل الشخص الذي يعرف بإمكانه معرفة ذاته؟<br />إن هذه الأسئلة تضعنا في مواجهة المفارقات paradoxes التالية:<br />هوية الشخص بين الثابت والمتحول.<br />هوية الشخص بين المنغلق و المنفتح.<br />هوية الشخص بين البسيط والمركب.<br />هوية الشخص بين المعرفة والجهل.<br />هوية الشخص بين الوعي واللاوعي.<br /><br />الهوية: identité هي الشخص ذاته في مختلف لحظات وجوده، إنها تحيل إلى معاني الثبات والمماثلة في مقابل المغايرة والاختلاف، تشير إلى تطابق ووحدة الفرد مع ذاته. كما تعني أن الشخص يبقى هو نفسه (هوهوlui même) وأنه مطابق لذاته،ومتميز عن غيره.<br /><br />01ــ (أ) الأطروحة الديكارتية: يرى الفيلسوف الفرنسي ديكارت أن التفكير في الذات وفي النفس(الفكر) هو ما يسمي وعيا، وهو الذي يمنح للشخص هويته كأنا مفكر.<br />فالذات العارفة تكتشف و بل تؤسس من خلال التأمل والعودة إلى الذات هويتها إذ يقول:<br />" ولكن أي شيء أ نا الآن إذن؟ أنا شيء مفكر، وما الشيء المفكر؟إنه شيء يشك، ويفهم ويتصور، يثبت، وينفي، و يريد ويتخيل ويحس أيضا،....<br />ألست أنا ذلك الشخص نفسه الذي يشك الآن في كل شيء على التقريب، وهو مع ذلك يفهم بعض الأشياء ويتصورها... فبديهي كل البداهة أنني أنا الذي أشك وأنا الّذي أفهم وأنا الذي أرغب ولا حاجة لزيادة الإيضاح." يتبين لنا أنه بواسطة أفعال التفكير ــ الواردة في النص ــ يتوصل الأنا إلى الوعي بذاته وإدراك هويته. إن ديكارت كفيلسوف عقلاني يمنح للوعي مكانة أساسية في إنتاج المعرفة حول كل القضايا الوجودية والمعرفية والأخلاقية. كما يعطي الأهمية للإنية المنغلقة على نفسهاsolipsisme على حساب الغيرautrui. فالوعي بالذات هو أساس وقوام هوية الشخص لدى ديكارت.<br /><br />01ــ (ب) أطروحة جون لوك: وفي نفس الاتجاه يعتقد ج. لوك أن أساس هوية الشخص هو الشعور أو الإحساس المقترن بالفكر،و المصاحب لكل الأنشطة الأخرى التي يقوم بها الأنا، يقول"إذ لما كان الشعور يقترن بالفكر على نحو دائم، وكان هذا هو ما يجعل كل واحد هو نفسه، ويتميز به،من ثم عن كل مفكر آخر، فإن ذلك هووحده ما يكون الهوية الشخصية أو ما يجعل كائنا عاقلا يبقى دائما هوهو "بمعنى أن الشخص يشعر، أي يعي أنه يقوم بأفعال مختلفة ومتنوعة ، حيث يفكر وهو يعي بأنه هو الذي يفكر، وينصت وهو يعي بأنه هو الذي ينصت....... لقد منح ج.لوك أهمية كبرى للشعور أو الوعي في تحديد هوية الشخص، إذ يرى بأن هوية الشخص لا تختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة،لأنه يعي بأنه يبقى هو هو (ذاته)رغم التغيرات التي تطرأ عليه،إنه الوعي الممتد عبر الأزمنة رغم اختلاف الأوضاع والأمكنة. وهذا هو ما أوضحه جون سيرل قائلا:"ادعى لوك أن هذه الصفة الجوهرية في الهوية الشخصية،وسماها الوعي. ولكن التأويل المتعارف الذي يقصده هو الذاكرة..إن استمرارية الذاكرة هي على الأقل جزء مهم في تصورنا للهوية الشخصية"،فالذاكرة هي التي تمنح للشخص الوحدة والتماسك،والتمايز عن غيره،وتجعل منه هو هو...<br /><br />01 ــ (ج) أطروحة شوبنهاور: يختلف شوبنهاور عن كل من ديكارت ولوك حول أساس هوية الشخص،فلا الذاكرة التي قد يعتريها النسيان، ولا الذات العارفة التي لا تقوم إلا بوظيفة بسيطة في حياتنا، يمكنهما تشكيل هوية الشخص. إن إرادة الحياة هي النواة الحقيقية للهوية الشخصية.<br />يقول"ولا شك أننا قد تعودنا تبعا لعلاقتنا بالخارج أن نعتبر أن الذات العارفة هي ذاتنا الحقيقية،ذاتنا التي تغفو في المساء ثم تستغرق في النوم،للتألق في الغد تألقا أقوى. ولكن هذه الذات ليست سوى وظيفة بسيطة للمخ،وليست هي ذاتنا الحقيقية.أما هذه، التي هي نواة وجودنا،فهي التي تختفي وراء الأخرى،وهي التي لاتعرف في قراراتها غير شيئين:أن تريد أو لا تريد" والمقصود بالإرادة لدى شوبنهاور،إرادة الحياة.<br />ورغم اختلاف هذه الأطروحات حول أساس هوية الشخص، فإنها جميعها تلتقي عند الخاصية القارة والثابتة والمنغلقة للهوية الشخصية. لذا سنتساءل:<br />هل يبقى الشخص هوهو فعلا، رغم التغيرات التي تطرأ عليه في حياته؟<br />إن هذه الصيغة الاستفهامية تشير ضمنيا إلى إمكانية تعدد الإجابات عن هذا التساؤل،مما يفسح لنا المجال للتطرق للأطروحات الفلسفية المعارضة .<br />إن وجود الذات كهوية واضحة ومتميزة ليس سوى وهم حسب الفيلسوف الإنجليزي<br />دافيد هيوم إذ لاوجود لهوية للأنا لا في الفكر ولا في الجسم. وإنما هناك فقط ركام من الخبرات والذكريات والأفكار والانطباعات الحسية البسيطة: انطباعات مفردة معزولة لا رابط بينها، وبالتالي لا وجود" للأنا " الذي تلتئم وتتحد حوله كل هذه الأفعال. كما أن الفيلسوف الفرنسي باسكال لا يقبل ببداهة وجود الهوية الشخصية كما تصورها ديكارت، إذ تتسم في نظره بوجود إشكالي، يسأل قائلا:<br />"فأين يوجد إذن هذا الأنا إذا لم يكن موجودا لا في الجسم ولا في النفس(الفكر)؟"<br />لقد اعتقد ديكارت أن الكوجيطو إدراك بديهي وبسيط وأن الذات تعي نفسها بنفسها بواسطة الفكر وحده،( الانغلاق) غير أن الفكر المعاصر يرى أن الشخص نشوء وسيرورة Processus لامتلاك الذات في علاقتها بالآخر،هذه البنية المنفتحة على نفسها وعلى الآخر تتعارض مع التصور الماهوي الثابت للشخص ، وقد عبرت عن هذا الموقف الباحثة والمفكرة المعاصرة جاكلين روس، حيث ترى بأن هوية الشخص ليست معطاة بشكل قبلي جاهز حيث يكفي التفكير أو الشعور بها لاكتشافها، وإنما تتشكل بالتدريج وببطء،فالطفل الصغير لا يعي هويته المتفردة الخاصة إلا عندما ينطق لأول مرة بلفظة "أنا"بعد سنة على الأقل من ولادته،وكلما تطورت اللغة، واحتك بعالم الآخرين (الغير) كلما أخذت هويته الشخصية في النشوء و التبلور والتمايز.<br />فضلا عن ذلك يمكننا أن نتساءل عن قيمة و دور الوعي في إدراك هوية الشخص،إذ ليس الوعي سوى الجانب السطحي للاوعي على ضوء معطيات مدرسة التحليل النفسي Psychanalyse؟<br /><br />أسئلة للتقويم التشخيصي:<br />ــ ما المفارقة التي تتضمنها هذه العبارة:"أنا تغيرت"<br />ــ هل تحديد هوية الشخص يقتضي بالضرورة تجاوز مظاهر الشخص الخارجية؟<br />ــ هل يبقى الشخص هوهو رغم ما يلحقه من تغيير في حياته؟<br />ــ إلى أي حد يمكن للشخص أن يطبق مقولة سقراط"أعرف نفسك بنفسك"؟<br />للمطالعة:<br />الهوية والعنف – تأليف أمارتيا صن-Amarty Sen ترجمة سحر توفيق<br />ص 07-32 عالم المعرفة ع358 يونيو2008<br /><br /><br />ترسيمة توضيحية لمحور: الشخص والهوية.<br /><br />الشخص والهوية<br />دلالة مفهوم الشخص<br />دلالة مفهوم الهوية<br />Paradoxes المفارقات<br />الهوية الشخصية بين الثابت والمتحول<br />الهوية الشخصية بين المنفتح والمنغلق<br />الهوية الشخصية بين البسيط والمركب<br />الهوية الشخصية بين الوعي واللاوعي<br /><br />أطروحة ديكارت<br />أطروحة لوك<br />أطروحة ج. سيرل<br />أطروحة هيوم<br />أطروحة باسكال<br />أطروحة ج.روس<br />أطروحة شوبنهاور<br /><br />≠<br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br /><br />02 ــ الشخص بوصفه قيمة:المفارقات الفلسفية:<br />قيمة الشخص بين الغاية في ذاته و الوسيلة.<br />قيمة الشخص بين الشيء و الشيء في ذاته.<br />قيمة الشخص بين التصور النظري المجرد والحياة الواقعية.<br />قيمة الشخص بين الذاتية المنغلقة على نفسها والذات المنفتحة على الغير والعالم.<br /><br />يدل لفظ القيمة على خاصية الشيء أو الموضوع، بحيث يكون متميزا عن غيره بما يتضمنه من سمات إيجابية كالخير والحق والجمال.... لهذا فمن الممكن مقاربة مفهوم الشخص ليس كمجرد ذات عارفة فحسب، وإنما كذات أخلاقية أيضا.<br />فأين تكمن قيمة الشخص؟ وهل يكتسب الشخص قيمته الأخلاقية من ذاته أم من علاقته بالآخرين؟<br /><br />02ــ (أ) الأطروحة الكانطية: يرى الفيلسوف الألماني كانط أن قيمة الشخص تكمن في كونه كائن حي عاقل،بحيث يتميز عن باقي الكائنات الأخرى كالحيوانات والجمادات، لكن قيمته كشخص تتجلى أساسا في كونه غاية في ذاته، أي ليس مجرد شيء أو وسيلة لتلبية ميول وأغراض الغير. إن قيمته الحقيقية والأصلية تتمثل في كونه يتوفر على عقل أخلاقي عملي، عقل مشرع يحدد القواعد الأخلاقية الكونية وفق مقتضيات العقل السليم " تصرف على نحو تعامل فيه الإنسانية في شخصك، كما في شخص غيرك، دائما وأبدا، كغاية وليس كمجرد وسيلة"إذ أن قيمة الوسائل يمكن تقويمها بسعر، كما يمكن استبدالها، أو الاستغناء عليها،لكن الكرامة كقيمة عليا سامية لايمكن التفاوض بشأنها، أو التنازل عنــها، فهي التي تضمن للشخص احترام ذاته ،وفرض الاحترام على الآخرين، يقول كانط"لكن عندما نعتبره شخصا، أي كذات لعقل أخلاقي عملي، سنجده يتجاوز كل سعر. وبالفعل لا يمكن أن نقدره ــ بوصفه كذلك أي بوصفه شيئا في ذاته ــ كوسيلة لتحقيق غايات الآخرين أو وسيلة لتحقيق غاياته الخاصة، بل يمكن تقديره كغاية في ذاته"إن جوهر قيمة الشخص يتعالى على اعتباره شيئا أو وسيلة،تخضع لأهواء وأغراض الآخرين، وإنما هو بالأساس غاية في ذاته.<br />02 ــ (ب) الأطروحة الهيجيلية:يعتبر هيجل أن قيمة الشخص تتأسس على الانفتاح على الآخرين والامتثال لروح الواجب يقول"فالأفراد يقومون بالمهمة التي أسندت إليهم وهم ملزمون بالقيام بالواجب. إن قيمتهم الأخلاقية تكمن في سلوكهم امتثالا للواجب"فلكل مجتمع منظومة خاصة من الأخلاق والقوانين، يتوجب على الشخص الخضوع لها للعيش ضمن حياة المدنية والنظام.<br />02ـ (ج)أطروحة جورج غوسدورف: لقد تجاوزغوسدورف المنظور النظري الميتافيزيقي لقيمة الشخص ، فالأخلاق الملموسة في الحياة اليومية، والمعيش اليومي الجماعي للأفراد هو ما يحدد قيمة الشخص، يقول" يعتقد الفرد أنه إمبراطور داخل إمبراطورية،فيضع نفسه في مقابل العالم وفي تعارض مع الآخرين، بحيث يتصور نفسه كبداية مطلقة. وعلى العكس من ذلك يدرك الشخص الأخلاقي أنه لا يوجد إلا بالمشاركة. فيقبل الوجود النسبي،ويتخلى نهائيا عن الاستكفاء الوهمي"بمعنى أن قيمة الشخص تتأسس الانفتاح والمشاركة،لا على الانغلاق والعزلة. أنها الأخلاق الملموسة المبنية على قيم التضامن والتعايش.<br />بالإضافة إلى أن هذه الأطروحات جميعها رغم مابينها من اختلاف تتمحور حول ما يجب أن يكون وتتجاهل ما هو كائن في واقع الحياة البشرية، حيث أن الكثير من الأشخاص يقعون ضحية المس بكرامتهم،نتيجة الإغراء أو الإكراه، مما يستدعي ضرورة دعمهم ومساندتهم بدل إصدار أحكام قيمة جائرة في حقهم.<br /><br />ــ أسئلة للتقويم التشخيصي:<br />"إن الكائنات العاقلة تسمى أشخاصا لأن طبيعتها تجعلها، منذ البداية تتعين كغايات في ذاتها"اشرح هذا القول و بين حدوده.<br />هل يمكن للشخص أن يستمد قيمته الذاتية من انعزاله؟<br />يقول مونيي "إن الشخصية هي الحقيقة الوحيدة التي نعرفها من الخارج ونعيشها في نفس الوقت من الداخل"أوضح هذا القول وناقشه.<br /><br />03ــ الشخص بين الضرورة والحرية:ما مدى حرية الشخص في ظل معطيات العلوم الإنسانية؟<br />المفارقات الفلسفية: الشخص بين الحرية والحتمية.<br />الشخص بين الممكن والمستحيل.<br />الشخص بين الاستسلام والتحرر.<br />حرية الشخص بين الطوباوية والواقعية.<br />03ــ (أ) لا ينحصر مفهوم الشخص في بعده الواعي والأخلاقي فقط،لذلك لا يجب أن نتجاهل أن الكائن البشري هو بالأساس، بنية عضوية، وبناء نفسي، ومحصلة اجتماعية، لذا لا يمكنه الانفلات بسهولة من هذه المحددات والإكراهات، تقول كريستيان دي لاكامبان" لم يعد للأنا مكان كاف في الفكر المعاصر، فها هو مسحوق من طرف علوم الإنسان، بعد أن ظل محاصرا بين لاشعور فرويد، والقوى الاقتصادية لماركس، وتأكيدات نيتشه(بأنه نتاج عادة نحوية)و مهتزا من طرف المنطق و اللسانيات. إن الأنا الذي كان ملكا لم يعد الآن إلا سرابا"بمعنى أن الشخص ليس حرا طليقا في سلوكه وتصرفاته، فهناك قوى جبارة تتحكم فيه، كاللغة وبناؤه النفسي، وشروطه السوسيوإقتصادية والثقافية. وقد سبق للفيلسوف الهولندي سبينوزا أن كشف وهم الحرية لدى الإنسان" الذي كثيرا ما يرى الأحسن ويقترف الأسوأ" بدافع أسباب غريبة ومجهولة من طرفه .<br />03 ــ (ب) أطروحة جان بول سارتر: في مقابل المواقف السابقة يرى الفيلسوف الفرنسي<br />ج. ب. سارتر أن الشخص هو الكائن الوحيد الذي يستطيع أن يتجاوز ويتعالى عن أوضاعه وشروطه المادية والنفسية،بفضل ما يتمتع به من وعي، وإرادة، وحرية،وبواسطة الشغل والفعل أوالحركة.إن الشخص ليس كيانا منفعلا،وإنما إنسانا فاعلا ينتج ذاته باستمرار،فالإنسان مشروع منفتح على المستقبل، يتحدى أوضاعه باستمرار.<br />03 ــ (ج) أطروحة إمانويل مونيي :رغم أن مونيي يؤمن بحرية الشخص إلا أنه لا يساير تصور ساتر، فحرية الشخص لديه مشروطة بالوضع الواقعي للشخص،يقول" حرية الإنسان هي حرية شخص، وحرية هذا الشخص بالذات وكما هو مركب وموجود في ذاته وفي العالم وأمام القيم.وهذا ما يستلزم أن تكون هذه الحرية ملازمة إجمالا لوضعنا الواقعي محصورة في نطاق حدوده."إن الحرية من هذه الزاوية، سعي حثيث نحو التحرر، وهذا ما يتعارض مع التصورات الفلسفية الطوباويةutopique حول الحرية، وفي نفس الآن لا يسقط في حتمية الشروط الموضوعية.<br />أسئلة التقويم التشخيصي:<br />لماذا يعتبر سبينوزا أن حرية الشخص مجرد وهم؟<br /><br />هل يستطيع الشخص التحرر من مختلف الحتميات؟<br /><br /></div>eXishoKshttp://www.blogger.com/profile/05302299200519815033noreply@blogger.com9